«أنّه نمّ منافق على النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فأخبره الله ذلك ، فأحضره النبيّ صلىاللهعليهوآله وسأله ، فحلف أنّه لم يكن شيء ممّا ينمّ عليه ، فقبل منه النبيّ صلىاللهعليهوآله. فأخذ هذا الرجل بعد ذلك يطعن على النبيّ صلىاللهعليهوآله ويقول : إنّه يقبل كلّ ما يسمع ، أخبره الله أنّي أنمّ عليه وأنقل أخباره ، فقبل ، فأخبرته أنّي لم أفعل ، فقبل ، فردّه الله تعالى بقوله لنبيّه صلىاللهعليهوآله : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ)(١)) (٢).
ومن المعلوم أنّ تصديقه صلىاللهعليهوآله ، للمنافق لم يكن بترتيب آثار الصدق عليه مطلقا ، وهذا التفسير صريح في أنّ المراد من المؤمنين المقرّون بالإيمان من غير اعتقاد ، فيكون الإيمان لهم على حسب إيمانهم ، ويشهد بتغاير معنى الإيمان في الموضعين ، مضافا إلى تكرار لفظه ، تعديته
____________________________________
تفسير القمّي رحمهالله من أنّ الآية الشريفة نزلت في عبد الله بن نفيل أو نوفل ، أنّه كان يسمع كلام النبي صلىاللهعليهوآله ، وينقله إلى المنافقين فأوقف الله نبيّه صلىاللهعليهوآله على هذه النميمة ، فأحضره النبي صلىاللهعليهوآله وسأله عنها ، فحلف له أنّه لم يكن شيء ممّا نمّ عليه ، فقبل منه النبي صلىاللهعليهوآله.
فأخذ هذا الرجل يطعن عليه صلىاللهعليهوآله ، ويقول : إنّه اذن يقبل كل ما يسمع ، فأخبره الله أنّي أنمّ عليه فقبل ، وأخبرته أنّي لم أفعل فقبل ، فردّ الله عليه بقوله : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ).
ومن المعلوم أنّ تصديقه صلىاللهعليهوآله للمنافق لم يكن إلّا إظهارا للقبول وعدم مبادرته لتكذيبه ، وهو معنى التصديق الصوري الظاهري على ما تقدّم غير مرّة ، فيكون المراد من تصديقه بالله هو التصديق الحقيقي ، ومن تصديقه صلىاللهعليهوآله المؤمنين هو التصديق الظاهري.
ثمّ يستشهد المصنّف رحمهالله على اختلاف التصديق في الموردين باختلاف السياق ، وهو تعدية كلمة يؤمن بالباء في الجملة الاولى ، وباللّام في الجملة الثانية ، وهذا الاختلاف يدل على اختلاف ما يراد من كلمة (يُؤْمِنُ) في المقامين.
ويمكن أن يكون اختلاف السياق في تعدّي كلمة (يُؤْمِنُ) تارة بالباء واخرى باللّام إشارة إلى نكتة اخرى ، وهي :
إنّ الاختلاف إنّما نشأ من كون التصديق إن كان متعلّقا بوجود الشيء فيتعدّى بالباء كما في قوله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ
__________________
(١) التوبة : ٦١.
(٢) تفسير القمي ١ : ٣٠٠ ، نقله بالمعنى.