خصوصا مثل قوله عليهالسلام : (يا أبا محمّد ، كذّب سمعك وبصرك عن أخيك ، فان شهد عندك خمسون قسامة : أنّه قال قولا ، وقال : لم أقله ، فصدّقه وكذّبهم) (١) الخبر.
فإنّ تكذيب القسامة مع كونهم ـ أيضا ـ مؤمنين ، لا يراد منه إلّا عدم ترتيب آثار الواقع على كلامهم ، لا ما يقابل تصديق المشهود عليه ، فإنّه ترجيح بلا مرجّح ، بل ترجيح المرجوح.
____________________________________
منها : قوله ـ أي : موسى بن جعفر عليهالسلام ـ للصحابي ، حيث قال عليهالسلام :
(يا أبا محمّد كذّب سمعك وبصرك عن أخيك ، فإن شهد عندك خمسون قسامة : أنّه قال قولا ، وقال : لم أقله فصدّقه وكذّبهم).
والمراد من القسامة هو عدلان ، فخمسون قسامة مائة عادل ، ولا بدّ من بيان ما يمكن من الاحتمالات ، ثمّ بيان ما هو الصحيح منها :
الاحتمال الأوّل : أن يكون المراد من تصديق الأخ وتكذيب القسامة بالمعنى الأول ، أي : حمل إخبار الأخ على الصحيح المباح ، وحمل إخبار القسامة على الفاسد المحرم ، وهذا الاحتمال باطل ؛ لكونه مستلزما لترجيح ما هو المرجوح على الراجح ، كما لا يخفى.
والاحتمال الثاني : أن يكون المراد منهما بالمعنى الثاني ، أي : حمل إخبار الأخ على كونه مطابقا للواقع ، ثمّ ترتيب آثار الواقع عليه ، وحمل إخبار القسامة على خلاف الواقع وترتيب آثار الكذب عليه ، وهذا الاحتمال ـ أيضا ـ باطل بنفس المحذور المتقدّم في الاحتمال الأوّل.
والاحتمال الثالث : أن يكون المراد من التصديق بالمعنى الثاني ، والمراد من تكذيب القسامة بالمعنى الأوّل ، وهذا الاحتمال ـ أيضا ـ باطل ، لكونه مستلزما لترجيح المرجوح على الراجح ، كما لا يخفى.
والاحتمال الرابع : أن يكون المراد من تصديق الأخ بالمعنى الأول ، أي : حمل قوله على الصحيح المباح ، وأن يكون المراد من تكذيب القسامة عدم ترتيب آثار الصدق على قولهم ، لا ترتيب آثار الكذب حتى يلزم الترجيح بلا مرجّح ، أو ترجيح المرجوح على
__________________
(١) ثواب الأعمال : ٢٩٥ / ١ ، نقله باختلاف يسير ، وفيه : (يا محمّد) مكان (يا أبا محمد) ، وكذلك مثله في الوسائل ١٢ : ٢٩٥ كتاب الحج باب ، ١٥٧ ، ح ٤.