الصفات المذكورة وغيرها حتى قال : (لا يفضّل أحدهما على صاحبه) (١) ، يعني : بمزيّة من المزايا أصلا ، فلو لا فهمه أنّ كلّ واحد من هذه الصفات وما يشبهها مزيّة مستقلّة ، لم يكن وقع للسؤال عن صورة عدم المزيّة فيهما رأسا ، بل ناسبه السؤال عن حكم عدم اجتماع الصفات ، فافهم.
____________________________________
وعدم السؤال عن صورة بعض الصفات دون بعض يكون كاشفا عن فهم الراوي كفاية الترجيح بكلّ واحدة من الصفات. ثمّ فهمه هذا يكون حجّة من جهة تقرير الإمام عليهالسلام له فيه. فالملخّص هو كفاية الترجيح بكلّ واحدة من الصفات انفرادا. وكذا لم يسأل عن صورة تعارض الصفات ، لأنّ الراوي قد فهم تقديم ما هو الأقوى ظنّا على غيره ، كما أشار إليه بقوله :
وتخالفها في الروايتين ، وإنّما سأل عن حكم صورة تساوي الراويين في الصفات المذكورة وغيرها حتى قال : (لا يفضّل أحدهما على صاحبه) ، يعني : بمزيّة من المزايا أصلا ، فلو لا استفادته كبرى كلّيّة وهي الترجيح بالأقربيّة بأيّ شيء حصلت.
أي : لو لا فهمه أنّ كلّ واحد من هذه الصفات المنصوصة وما يشبهها من صفات الراوي أو الرواية مزيّة مستقلّة.
قوله : لم يكن وقع للسؤال ... إلى آخره جواب لقوله : فلو لا فهمه ... إلى آخره.
فالسؤال عن صورة عدم وجود المزيّة رأسا يكون كاشفا عمّا ذكر من كفاية الترجيح بكلّ واحدة من الصفات ، ثمّ الترجيح بكلّ صفة ليس إلّا من حيث كونها موجبة للأقربيّة.
فافهم لعلّه إشارة إلى أنّ فهم الراوي لكفاية الترجيح بكلّ واحد من الصفات لا يدلّ على كون المناط هو الترجيح بكلّ مزيّة ، ولو لم تكن من سنخ الصفات المذكورة ، كالترجيح بالنقل باللفظ على النقل بالمعنى مثلا.
وقوله : لا يفضّل أحدهما على صاحبه لا يدلّ على الترجيح بكلّ مزيّة ، وإنّما يدلّ على أنّ المناط هو مطلق التفاضل بحسب الصفات ، ولا يدلّ على التعدية إلى غيرها من
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٧ / ١٠. الفقيه ٣ : ٥ / ١٨. الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.