الجمع بين الدليلين مهما أمكن أولى من الطرح ـ والمراد بالطرح على الظاهر المصرّح به في كلام بعضهم وفي معقد إجماع بعض آخر أعمّ من طرح أحدهما لمرجّح في الآخر ـ فيكون الجمع مع التعادل أولى من التخيير ومع وجود المرجّح أولى من الترجيح.
____________________________________
عليها في الجملة وهي أنّ الجمع بين الدليلين مهما أمكن أولى من الطرح.
وقبل البحث تفصيلا عن قاعدة الجمع ينبغي ذكر امور :
الأوّل : ما هو المقصود من الجمع.
الثاني : ما هو المراد من الإمكان.
الثالث : ما هو المراد من الأولويّة.
الرابع : بيان مورد القاعدة.
الخامس : بيان ما هو المدرك لها.
أمّا المقصود من الجمع فيتّضح بعد بيان ما يطلق عليه الجمع ، فنقول : إنّ الجمع له إطلاقات على ما في التعليقة :
منها : الجمع التبرّعي وهو في مورد يتعيّن فيه الطرح ، كما في الأخبار الموجودة في الشرع مع كون ظاهرها مخالفا لما هو ضروري في المذهب ، فإنّه يتعيّن فيها الطرح لكنه يبدأ فيها تأويلات مخالفة لظواهرها ، لكي لا يحصل التجرّي في طرح الأخبار. ومن هذا القبيل التأويلات التي تبدأ في الأخبار الواردة في الفروع حال التعارض بعد الأخذ بالراجح منها ، فإنّ المرجوح منها متعيّن الطرح ، وهذا الجمع لا يفيد علما ولا عملا وإنّما فائدته هو الأخذ بأخبار المذهب بعد إبداء التأويل في الأخبار المتعارضة وعدم الجرأة على طرحها.
ومنها : الجمع العملي وهو فيما لا يمكن الأخذ بمفاد الدليلين والحكم بتحقّقه في عالم الخارج ، وإنّما يجمع بينهما في مقام العمل. وهذا القسم من الجمع إنّما يأتي في طرق الموضوعات دون الأحكام.
ومنها : الجمع بحسب الدلالة بعد الأخذ بسندهما ، مثلا إذا قال زرارة : إنّ الإمام عليهالسلام أمر بكذا فيكون واجبا ، وقال محمد بن مسلم : إن الإمام عليهالسلام قال : لا يجب هذا ، فيمكن أن يقال ـ حينئذ ـ بصدور كليهما عنه عليهالسلام ، وأمّا كون مدلول الخبرين كذا وأنّه وجوب أو استحباب فليس لازما للحكم بالصدور ، بل لا بدّ فيه في مقام تعيين المراد من تصرّف في المدلول