____________________________________
تخصيص العامّ بجميع هذه المخصّصات لما ذكرناه سابقا من أنّه إذا كانت النسبة بين المخصّصات العموم من وجه ، يخصّص العامّ بجميعها.
وأمّا ما يدلّ على نفي الضمان في غير عارية الدرهم وإثباته فيها ، وما يدلّ على نفي الضمان في غير عارية الدينار وإثباته فيها ، فهما بمنزلة رواية واحدة دالّة على نفي الضمان في غير عارية الدرهم والدينار ، وإثباته في عاريتهما ، إذ الأوّل منهما يدلّ على نفي الضمان في عارية الدنانير بالإطلاق ، وعلى إثباته في عارية الدرهم بالتصريح ، والثاني منهما يدلّ على نفي الضمان في عارية الدرهم بالإطلاق ، وعلى إثباته في عارية الدينار بالتصريح. وبين إطلاق السلب في كلّ منهما والإيجاب في الآخر جمع عرفي بتقييد إطلاق السلب في كلّ منهما بالإيجاب في الآخر.
فيجمع بينهما على النحو المزبور ويصير حاصل مضمونهما نفي الضمان في غير عارية الدرهم والدينار وإثباته في عاريتهما ، وتقع المعارضة بينهما وبين ما يدلّ على نفي الضمان في غير عارية الذهب والفضة وإثباته في عاريتهما ، أي : العقد السلبي من الروايتين معارض بالإيجاب في ما يدلّ على نفي الضمان في غير عارية الذهب والفضة وإثباته في عاريتهما ، والنسبة بينهما هي العموم من وجه ، لاختصاص العقد السلبي منهما بنفي الضمان في مثل عارية الكتب واختصاص الإيجاب في هذه الرواية بإثبات الضمان في عارية الدرهم والدينار ، ويجتمعان في عارية الذهب والفضة غير المسكوكين كالحلي ، ومقتضى القاعدة تساقطهما فيه والرجوع إلى العامّ الفوق الذي يدلّ على نفي الضمان بقول مطلق ، إلّا أنّ في المقام خصوصيّة تقتضي تقديم الإيجاب في هذه الرواية على السلب فيهما.
بيان ذلك : إنّه سيجيء ـ عند التكلّم عن المرجّحات ـ أنّه إذا كان تقييد أحد المتعارضين بالعموم من وجه في مادّة الاجتماع مستلزما لاستهجانه دون العكس ، تقدّم الآخر حذرا من الاستهجان ، والمقام كذلك ، فإنّ حمل ما يدلّ على ثبوت الضمان في عارية الذهب والفضة على خصوص الدرهم والدينار حمل للمطلق على الفرد النادر ، فإنّ استعارة الدرهم والدينار نادر جدّا لو لم يكن منتفيا رأسا ؛ لأن استيفاء المنفعة المقصودة منهما