لكنّك عرفت في ما مضى عدم الدليل على الاستصحاب من غير جهة الأخبار الدالّة على كونه حكما ظاهريّا ، فلا ينفع ولا يقدح فيه موافقة الأمارات الواقعيّة ومخالفتها ، هذا كلّه مع الإغماض عمّا سيجيء من عدم شمول (لا تنقض) للمتعارضين ، وفرض شمولها لهما من حيث الذاتيّة نظير شمول آية النبأ من حيث الذات للخبرين المتعارضين وإن لم يجب العمل بهما فعلا ، لامتناع ذلك بناء على المختار في إثبات الدعوى الثانية ، فلا وجه لاعتبار الراجح أصلا ، لأنّه إنّما يكون مع التعارض وقابليّة المتعارضين في أنفسهما للعمل.
____________________________________
لكنّك عرفت في ما مضى في أوائل الاستصحاب وفي آخر التنبيهات عدم الدليل على الاستصحاب من غير جهة الأخبار الدالّة على كونه حكما ظاهريّا ، فلا ينفع ولا يقدح فيه موافقة الأمارات الواقعيّة ومخالفتها ، هذا كلّه أي : عدم اعتضاد الأصل بالدليل مع الإغماض عمّا سيجيء من عدم شمول لا تنقض للمتعارضين ، وفرض شمولها لهما من حيث الذاتية أي : مع قطع النظر عن عدم العمل بهما معا نظير شمول آية النبأ من حيث الذات للخبرين المتعارضين وإن لم يجب العمل بهما فعلا ، لامتناع ذلك أي : العمل بالمتعارضين. وبالجملة ، إنّ ما تقدّم كلّه مبني على فرض شمول لا تنقض للمتعارضين.
وأمّا بناء على المختار في إثبات الدعوى الثانية حيث يأتي ما هو الحقّ فيهما من تساقط الأصلين من جهة عدم شمول لا تنقض للمتعارضين فلا وجه لاعتبار الراجح أصلا ، لأنّه إنّما يكون مع التعارض وقابليّة المتعارضين في أنفسهما للعمل.
وملخّص الكلام أنّ ترجيح أحد الاستصحابين بالمرجّح الاجتهادي مردود لوجهين :
أحدهما : عدم شمول لا تنقض للاستصحابين المتعارضين ، وحينئذ لا يبقى موضوع للترجيح أصلا ، وذلك لعدم حجّيّتهما وعدم قابليّتهما للعمل كي يرجّح أحدهما على الآخر بالمرجّح الاجتهادي أو الأصل العملي. هذا بخلاف أدلّة الخبر حيث تشمل الخبرين المتعارضين ، فهما قابلان للعمل والحجيّة وإن امتنع العمل بهما معا ، فلا بدّ من ترجيح أحدهما على الآخر.
ثانيهما : إنّه مع الإغماض عمّا ذكر من فرض شمول لا تنقض للمتعارضين لا يصحّ الترجيح بالمرجّح الاجتهادي ، لاختلاف الرتبة. هذا تمام الكلام في الدعوى الاولى ، اعني : عدم الترجيح.