بل لو بنينا على طرح أخبار التخيير في هذا المقام أيضا بعد الترجيح بموافقة الأصل لم يبق لها مورد يصلح لحمل الأخبار الكثيرة الدالّة على التخيير عليه ، كما لا يخفى على المتأمّل الدقيق.
فالمعتمد وجوب الحكم بالتخيير إذا تساوى الخبران من حيث القوة ولم يرجّح أحدهما بما يوجب أقربيته إلى الواقع. ولا يلتفت إلى المرجّحات الثلاث الأخيرة الراجعة إلى ترجيح مضمون أحد الخبرين.
____________________________________
والإرجاء ، فالمتيقّن من التخيير هو صورة انتفاء أمثال المرجّحات المذكورة.
والجواب أنّ أخبار التوقف والإرجاء محمولة على صورة التمكّن من الوصول إلى الإمام عليهالسلام بقرينة قوله عليهالسلام : حتى تلقى إمامك (١) ، بل محمولة على الاستحباب لقوة أخبار التخيير سندا ودلالة واعتضادا ، فيتّبع أخبار التخيير عند انتفاء المرجّح لأحد الدليلين سيّما مع عدم التمكّن من الإمام عليهالسلام.
بل لو بنينا على طرح أخبار التخيير في هذا المقام أيضا بعد الترجيح بموافقة الأصل.
أي : بعد الترجيح بكلّ مزيّة وبكلّ ما هو أبعد عن الباطل وإن كان أصلا ، ومن المعلوم أنّه بعد الترجيح بالأصل لم يبق مورد للتخيير ، إذ قلّما يتفق عدم وجود أصل موافق لأحد الخبرين ، وأنّ عدم الأصل لا يعدم سائر وجوه التراجيح ، وكثرة أخبار التخيير والاهتمام بشأنه لا يجتمع مع قلّة المورد فضلا عن عدمه. نعم ، لو بقي مورد للتخيير مثل مسألة الظهر والجمعة لا تناسبه هذه الأخبار الكثيرة.
فالمعتمد وجوب الحكم بالتخيير إذا تساوى الخبران من حيث الدلالة والصدور والجهة والقوة المضمونيّة ولم يرجّح أحدهما بما يوجب أقربيّته إلى الواقع ، أي : لم يرجّح أحدهما بالمرجّحات الخارجيّة المعتبرة المعاضدة ، لأحد الخبرين أو غيرها.
ولا يلتفت إلى المرجّحات الثلاث الأخيرة.
الأوّل : موافقة الأصل ، والثاني : الناقليّة أو الحاظريّة ، والثالث : الدلالة على الحرمة.
وبعبارة اخرى : الترجيح بالأصل وبالنقل والحظر والترجيح بتضمن أحد الخبرين التحريم على الآخر الدالّ على الوجوب الراجعة إلى ترجيح مضمون أحد الخبرين ، أي :
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٧ / ١٠. الفقيه ٣ : ٥ / ١٨. الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.