بالهوى حتّى في مقابلة النصّ ، واستكباراً على الأمر بقياس العقل .
ثمّ قال مؤيّداً لما ذكره : أما تعتبر اعتراض ذي الخويصرة (١) ـ من رؤساء الخوارج بنهروان (٢) ـ على النبيّ صلىاللهعليهوآله حيث قال له : ألا تعدل يا رسول اللّه ؟ فلمّا قال له النبيّ صلىاللهعليهوآله : «إذا لم أعدل فمن يعدل ؟» (٣) .
قال : هذه قسمة ما اُريد بها وجه اللّه ؛ إذ ليس ذلك إلاّ قولاً بالتحسين العقلي في مقابل النصّ ، واستكباراً على الأمر بقياس العقل .
قال : ثمّ اعتبر حال طائفة اُخرى من المنافقين يوم أُحد إذ قالوا : ( هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ ) (٤) وقولهم : ( لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا ) (٥) ، ونحو ذلك ممّا فيه (٦) تصريح بالقدر ، وقول طائفة من المشركين : ( لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ) (٧) ، ونحو ذلك ممّا فيه (٨) تصريح بالجبر .
واعتبر أيضاً حال أمثالهم من الذين جادلوا في ذات اللّه تفكّراً في جلاله وتصرّفاً في أفعاله ، حتّى خوّفهم اللّه تعالى في قوله : ( وَيُرْسِلُ
__________________
(١) هو حرقوص بن زهير ، يلقّب بذي الخويصرة ، كان من أصل الخوارج الذين قال عنهم صلوات اللّه عليه وآله : «إنّ له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم . . . يمرقون من الدين كمروق السهم من الرمية» ، هلك سنة ٣٧ هـ .
انظر : تاريخ الطبري ٣ : ٩٢ ، المنتظم ٣ : ٣٤٠ ، اُسد الغابة ١ : ٤٧٤ / ١١٢٧ ، و٢ : ٢٠ / ١٥٤١ ، الإصابة ١ : ٣٢٠ / ١٦٦١ ، و٤٨٥ / ٢٤٥٠ .
(٢) في «ن» و«س» : خوارج نهروان .
(٣) المستدرك للحاكم ٢ : ١٥٤ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢١ ، كنز العمّال ١١ : ١٩٨ / ٣١٢١٥ .
(٤ و٥) سورة آل عمران ٣ : ١٥٤ .
(٦) فيما عدا «ش» : «هو» .
(٧) سورة النحل ١٦ : ٣٥ .
(٨) في «ش» : «هو» بدل «فيه» .