مع ما في خلاف التسليم من الدلالة على ضعف الاعتقاد باللّه ورسوله ، كما هو ظاهر في نفسه ، وصريح ما مرّ في جواب شبهات إبليس من عند اللّه عزوجل ، بل بداهة كلّ عقل يحكم بقباحة المواجهة بمثل هذا بالنسبة إلى أوساط الناس ، فضلاً عن المطاعين ، لا سيّما بالنسبة إلى اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، خصوصاً على رواية قوله : إنّ النبيّ يهجر (١) ، أي : يهذي ولا يتكلّم من عقله ! فافهم .
ومنها : ما سيظهر من كونه من الخطأ والضلال وموقعاً فيه ، ونحو ذلك ممّا يستلزم كونه خطأ وضلالاً .
وأمّا كونه ناشئاً من الخطأ والضلال فمن وجوه أيضاً :
أحدها : كون منشئه الرأي والقياس مطلقاً ، كما هو مفاد الاقتصار في الاعتذار عن المنع على قوله : قد غلبه الوجع ! وحسبنا كتاب اللّه ؛ إذ لو كان له عذر غير ذلك لذكره ، ولو ذكر لنُقل إلينا ، لا سيّما أتباعه الذين بذلوا جهدهم في توجيه ما صدر منه ، وقد تبيّن بطلان الاعتماد على مقتضى الرأي والقياس مطلقاً ، وكونهما ضلالاً ، لا سيّما في مقابل النصّ .
لا يقال : لعلّ أصل مبنى كلامه كان على حجّيّة ما في القرآن ، وليس ذلك برأي .
لأنّا نقول : لو كان له أو لأمثاله علم بشيء من القرآن نافع في الصيانة عن الوقوع فيما كان النبيّ صلىاللهعليهوآله خائفاً منه من الخطأ والضلال ، لأمكن التوجيه المذكور ، لكن ليس الأمر كذلك ؛ ضرورة أنّهم لو علموا ذلك لنادوا به، ولما وقعوا بالتمسّك به فيما خاف منه النبيّ صلىاللهعليهوآله عليهم من أنواع الضلال التي سنذكر شيوعها لديهم . هذا ، مع ما سيأتي من شواهد فساد هذا الخيال .
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١١٧ ، هامش ٤ .