فقامت امرأة ، وقالت : أتمنعنا ممّا جعل اللّه لنا ؟ وتلت قوله تعالى : ( وَإِنْ أَرَدْتُمُ ) إلى قوله : ( وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) (١) ، فقال : كلّ الناس أفقه من عمر حتّى النسوان (٢) ! ! وفي رواية : حتّى المخدّرات (٣) .
ومثل ما سيأتي أيضاً من أنّه منع من عمرة المتعة ؛ مستدلاًّ بتقديم اللّه الحجّ في قوله تعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) (٤) ، بعد اعترافه بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أمر بها ، فلمّا سمع ابن عبّاس بذلك قال : وقد قال سبحانه أيضاً في الميراث : ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) (٥) (٦) ، مع أنّ الدَّيْن مقدّم على الوصيّة عند كافّة الاُمّة .
وأمثال ما ذكر ممّا يدلّ على كمال نقص فقاهته ، واعتماده كثيراً على استحسان عقله ولو في مقابل النصّ كثيرة موجودة في كتب القوم وإن لم يفهموا مفادها ، حتّى أنّ من عجيب أمرهم أنّهم استدلّوا بمحض قوله في الحديث المذكور : حسبنا كتاب اللّه ، على أنّه كان كاملاً في العلم بما في القرآن من غير النظر إلى مناداة ما ذكرنا صدوره منه وأمثال ذلك بخلافه ، فلو أنّهم وجّهوا قوله ذلك بأنّه قال ذلك اعتماداً على وجود من يعلم
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٢٠ .
(٢) انظر : سنن سعيد بن منصور ١ : ١٦٦ / ٥٩٨ ، تمهيد الأوائل للباقلاني : ٥٠١ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ : ٢٣٣ ، الجمع بين الصحيحين ٤ : ٣٢٤ ، الأربعين للرازي ٢ : ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ، التفسير الكبير للرازي ١٠ : ١٣ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ١٨٢ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ : ٩٩ .
(٣) نهج الحقّ : ٢٧٨ .
(٤) سورة البقرة ٢ : ١٩٦ .
(٥) سورة النساء ٤ : ١٢ .
(٦) انظر : مسند الشافعي : ٥٩٠ / ١٧٤٥ ، السنن الكبرى ٦ : ٢٦٨ ، الدرّ المنثور ١ : ٥٠٣ .