مستعقباً لشُبه في ضلال ، فظاهر ؛ إذ لا شكّ أوّلاً في صدق أخبار النبيّ صلىاللهعليهوآله وأقواله جميعاً ، ومعلوم أيضاً أنّ مفاد منطوق قوله صلىاللهعليهوآله : «لن تضلّوا بعده» هو نجاتهم عن الضلال إذا كتب ذلك لهم، فمفهومه عدم النجاة إذا لم يكتب ، ومع هذا قد ورد جزماً أنّه أخبر بما مرّ ويأتي من افتراق اُمّته على فِرَق أكثرها هالكة ، وأنّ جمعاً من أصحابه يساقون يوم القيامة إلى النار لارتدادهم بعده ، وأمثال ذلك ، مع ما قد ترى أيضاً من تفرّقهم بعده إلى يومنا هذا ، بما أخبر به من مذاهب ( (١) كثيرة مختلفة ، حتّى على طرفي نقيض ؛ بحيث لا يمكن الجمع بينهما أصلاً ، ولا الحكم بصحّتهما معاً ، بل كثير منهم يكفّر بعضهم بعضاً ، ويحكم بقتله وخلوده في النار صريحاً ، مثلاً :
قال قوم منهم بخلافة من تقدّم على عليّ عليهالسلام وكفر من كفّرهم .
وقد قال قوم أيضاً بكفرهم وكفر من لم يكفّرهم (٢) .
وقالت طائفة باُلوهيّة عليّ عليهالسلام (٣) ، وطائفة بإمامته (٤) ، وطائفة بكفره (٥) .
وقال جمع بالجبر ، والتشبيه ، والرؤية وأمثالها مكفّرين من لم يقل بذلك ، وقد كفّرهم جماعة وقالوا بالعدل ، واستحالة الرؤية والتشبيه ونحو ذلك ، حتّى قالت فرقة بنفي الصفات عن اللّه بالكلّيّة (٦) ، وفرقة بثبوت
__________________
(١) من هنا بياض في «ن» إلى ص ١٣١ ، هامش (١) .
(٢) انظر : الفِرَق بين الفرق : ٣٠ ـ ٣٤ و٣٢١ .
(٣) انظر : التبصير في الدين : ١١٩ و١٢٣ ، المقالات والفِرَق : ٦٠ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٧٤ و١٧٥ .
(٤) انظر : المقالات والفِرَق : ١٧٠ / ١٣٤ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٤٦ و١٦٢ .
(٥) انظر : المقالات والفِرَق : ٥ / ١٣ ، و١٤ / ٤٨ ، الفرق بين الفِرَق : ٧٣ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٢٠ .
(٦) ذهبت طائفة من القدرية إلى ذلك .