جميعها له حتّى اللّحية ! (١) .
ألا ترى إلى ما سيأتي من كثرة المرجئة والقدريّة ، مع كثرة ما ينادي بكفرهم من الأخبار النبويّة ؟ ! .
وبالجملة : كثرة وجود أهل الضلال في هذه الاُمّة ممّا لا شكّ فيه ، وإنكاره سفسطة محضة .
ثمّ لا ريب أيضاً في أنّ هذا الاختلاف كلّه من متفرّعات ذلك الإباء والمنع ؛ إذ لو تُرك النبيّ صلىاللهعليهوآله وإرادته لكتب لهم ما يصونهم أبداً من الوقوع في الضلال ، كما أخبرهم به في صريح المقال ، ولأجل هذا قال ابن عبّاس في آخر الخبر : الرزيّة كلّ الرزيّة (٢) ، إلى آخره ، وفي بعض الروايات أنّه بكى حتّى ابتلّت لحيته ، وقال : يوم الخميس وما يوم الخميس (٣) ، فسئل عن ذلك فنقل الحديث .
لا يقال : إنّ كثرة اختلاف الاُمّة طول المدّة قد وصل إلى حدٍّ لا يمكن تمييز الحقّ من ذلك عن الباطل ـ بحيث يظهر للناس حال كلّ ضالّ من غيره ـ إلاّ بتسويد كثار (٤) من الكتب والدفاتر ، فضلاً عن مثل الكتف وغيره ، فكيف يمكن حينئذ أن يدّعى أنّ قصد النبيّ صلىاللهعليهوآله كان كتابة دفع
__________________
انظر : التبصير في الدين : ٦٣ ، والفرق بين الفِرَق : ٣٣٤ ، والملل والنحل للشهرستاني ١ : ٤٣ .
(١) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٠٥ .
(٢) تقدّم تخريجه في ص١١٧ هامش٧ .
(٣) المسند للحميدي ١ : ٢٤١ / ٥٢٦ ، مسند أحمد ١ : ٣٦٦ / ١٩٣٦ ، و٥٨٥ / ٣٣٢٦ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٥٧ / ١٦٣٧ (٢٠ ، ٢١) ، مسند أبي يعلى ٤ : ٢٩٨ / ٢٤٠٩ ، دلائل النبوّة للبيهقي ٧ : ١٨١ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٣٢٠ ، شرح صحيح مسلم للنووي ١١ : ٨٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ : ٥٤ .
(٤) في «س» و«ش» و«ن» : «كبار» .