مرّ في هذا الفصل وفصل الاختلاف وما سبق عليه من الآيات على أنّ أكثر الاختلافات كانت مع العلم بالحقّ بحسب البغي والعناد ، ومن الروايات على اقتفاء هذه الاُمّة سنن من كان قبلهم ، سوى ما مرّ ويأتي من سائر قرائن شيوع النفاق في الصحابة ، وعدم الاعتماد على كثير منهم .
على أنَّ الحقّ أنَّ مثل هذه الجهالة ، لا سيّما في مثل هذه الحكاية بالنسبة إلى أعيان الصحابة في غاية القبح والفضيحة ، بل اُخت النفاق وبمنزلة الكفر ، وأصل منشئها الكبر والعناد ، كما هو ظاهر على المتأمّل الصادق في تمييز الفساد عن السداد ، لا سيّما مع ملاحظة ما ذكرناه من حديث تاريخ بغداد ، خصوصاً قوله : وعلم النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّي علمت ما في نفسه فأمسك (١) ، الدالّ على إخفاء النبيّ صلىاللهعليهوآله عن عمر اهتمامه في تعيين عليّ عليهالسلام ؛ بحيث لمّا علم اطّلاعه على ذلك كفّ عنه ، كما كان كذلك دأبه في المداراة معهم ـ كما سيأتي ـ ضرورة صراحة ملاحظة الجميع في كمال انحراف لعمر (٢) عن خلافة عليّ عليهالسلام ، وسعيه في دفعها عنه إلى حدّ منعه النبيّ صلىاللهعليهوآله عن التصريح به ، وارتكابه التمحّلات الباطلة لدفع ذلك ، كما ينادي به قوله : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله غلبه الوجع أو يهجر ! وحسبنا كتاب اللّه ! وغير ذلك ، بل إلى حدّ ادّعائه أنّه كان أشفق على الإسلام من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وأنّ في خلافة عليّ عليهالسلام ـ التي كان فيها رضا اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، بل أمرهما ـ لم يكن صلاح الإسلام ، مع أنّه كما ترى ؛ ضرورة أن لا أحد أشفق على الإسلام ولا أعرف بما يصلح له من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، كما مرّ بيانه .
هذا ، مع ما أشرنا إليه آنفاً ، وسيأتي مفصّلاً من وضوح وجود
__________________
(١) تقدّم في ص١٣١ .
(٢) كذا وردت في نسخنا ، والأولى : «عمر» .