المفاسد التي ترتّبت على ما أراده عمر ، فافهم حتّى تعلم أنّ هذه الأشياء التي اعترف بها هؤلاء القوم في رواياتهم وغيرها ، ممّا يوجب اتّهام عمر في فعله يوم السقيفة أيضاً ، كما ورد في أحاديث الشيعة صريحاً (١) ، وتعلم مع هذا أنّهم عند العصبيّة بحيث إنّهم يتكلّمون في موضع بشيء ، وفي آخَر بنقيضه صريحاً من غير إدراك منافاتهما أصلاً .
أما سمعت قُبيل هذا ما نقلناه عن الشهرستاني في تحقيقه شبهات أهل الدنيا إلى هذه الاُمّة من كلامه المشتمل على كون منشأ شبهات هذه الاُمّة (٢) من المنافقين في زمن النبيّ صلىاللهعليهوآله ؟ حتّى أنّه صرّح في بيان علّة ذلك بقوله : إذ لم يرضوا بحكمه فيما كان يأمر وينهى ، وشرعوا في المجادلة فيما لا يجوز الجدال فيه عملاً باستحسان العقل ، وحكماً بالهوى في مقابل النصّ ، إلى أن صرّح بقوله هذا : إنّ المنافقين كانوا يخادعون ويظهرون الإسلام ، وإنّما كان يظهر نفاقهم في كلّ وقت بالاعتراض على حركات النبيّ صلىاللهعليهوآله وسكناته وكلماته (٣) ، ومع هذا في هذا المقام ذهل عن تحقّق وجوه الانطباق ، ووجود قرائن دخوله تحت المصداق ، فقال تحكّماً : إنّ هذا ليس من ذلك ، مع ما فيه ممّا ذكرنا وبيّنّا ، فتدبّر .
ثمّ إنّ من تلك التأويلات الركيكة ما قاله بعض علماء القوم من أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله إنّما أراد أن يكتب خلافة أبي بكر ! (٤) فإنّ سخافته واضحة ممّا مرّ وغيره من جهات عديدة ، ولا أقلّ من كون عامّة أهل الاختلاف
__________________
(١) انظر : كتاب سليم بن قيس ٢ : ٧٩٤ / ٢٧ ، الإرشاد ١ : ١٨٤ ، الأمالي للمفيد : ٣٦ / ٣ ، إعلام الورى ١ : ٢٦٥ ، المناقب لابن شهر آشوب ١ : ٢٩٢ .
(٢) في «ش» زيادة : «أيضاً» .
(٣) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢١ ـ ٢٢ .
(٤) دلائل النبوّة للبيهقي ٧ : ١٨٢ ، و١٨٤ ، شرح صحيح مسلم للنووي ١١ : ٩٠ .