والضلالات من القائلين بخلافة أبي بكر ، كما ظهر ويظهر ، على أنّه (١) لا يندفع به كون عمر سبب الضلالة بالمنع من ذلك ؛ ضرورة كون ذلك حينئذٍ سبباً لضلالة منكري خلافة أبي بكر وأمثاله .
ومنها : ما نقله القاضي عياض من توجيه بعض منهم المنع من كتابة الكتاب بأنّه : ربّما كان أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله بذلك على سبيل الندب ، ولمّا أن رأى اختلافهم وصواب رأي عمر كفّ عنه (٢) .
وسخافته أوضح من أن يحتاج إلى البيان ؛ إذ قد بيّنّا آنفاً أنّ مثل هذا الأمر ليس ممّا يتطرّق إليه جواز المخالفة ، وأنّ ممّا ينادي به قوله صلىاللهعليهوآله : «لن تضلّوا» (٣) .
ثمّ لا يخفى أنّ اللازم من قول هذا القائل : ولمّا رأى الاختلاف وصواب رأي عمر كفّ عنه ، كون وقوع الناس في الضلال صواباً ؛ إذ قد تبيّن أنّ هذا هو مآل مقتضى رأي عمر ، مع أنّ عمر نفسه أشعر في رواية البغدادي (٤) بأنّ إمساك النبيّ صلىاللهعليهوآله عمّا أراد أوّلاً إنّما كان لحسن مداراته معهم ، وخوفه من إجهارهم بمخالفته ، لا تصويب رأيهم ، كما ينادي به أيضاً قوله صلىاللهعليهوآله : «قوموا عنّي» (٥) فافهم .
ومنها : ما ذكره القاضي أيضاً ، وكذا العسقلاني (٦) شارح البخاري ، عن
__________________
(١) في «م» زيادة : «ممّا» .
(٢) الشفا للقاضي عياض ٢ : ٤٣٥ .
(٣) انظر : ص ١١٦ .
(٤) تقدّم تخريجه في ص ١٣١ ، هامش (٤) .
(٥) تقدّم تخريجه في ص ١١٦ ، هامش (٦) .
(٦) هو شهاب الدين أحمد بن عليّ بن محمّد الهيثمي الكناني العسقلاني المصري ،