أقول : لا يخفى دلالة هذا الخبر على أشياء لم يفهمها جمهور المخالفين ، فأيّدوا به مذهبهم ، وهو دالّ على خلافه :
أمّا أوّلاً : فلأنّ قوله : «قد تركتكم» إلى قوله صلىاللهعليهوآله : «هالك» صريح في توضيح النبيّ صلىاللهعليهوآله جميع معالم الشريعة ، وإنّما الضياع حصل من بعده ، ـ كما مرّ غير مرّة ، وسيأتي أيضاً ـ ويؤيّده قوله : «ومن يعش منكم» ، لدلالته على عدم وجود خلاف مضرّ في زمانه ، وأنّه ممّا يحدث بعده بسبب ترك سنّته ؛ ولهذا أمرهم بالتمسّك بسنّته وسنّة خلفائه المستنّين بسنّته ، وعدم التوجّه إلى الخلافات ؛ لضلالها .
وأمّا ثانياً : فلأنّ قوله : «وسنّة الخلفاء» بعد قوله : «بسنّتي» كالصريح في أنّ مراده بيان كون مأخذ السنّتين شيئاً واحداً ، وأنّه لذلك صارت الأخيرة بحكم الاُولى في لزوم التمسّك .
ومن البيّن ـ كما مرّ ويأتي ـ أنّ سنّته صلىاللهعليهوآله لم تكن برأيٍ ونحوه ، بل بالورود من اللّه ، فعلى هذا لا بدّ أن تكون سنّة الخلفاء أيضاً كذلك . ولا يخفى أنّ المراد بالخلفاء حينئذٍ لا بدّ أن يكون من كان كلّ حكمه مأخوذاً من اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، وذلك منحصر في عليّ وذرّيّته الأئمّة عليهمالسلام ، كما سيتّضح أيضاً غاية الوضوح في محلّه ، فدلّ الخبر على أنّ المراد هؤلاء دون من زعمه المخالفون ، ويؤيّده التقييد بالرشد والمهدويّة ؛ ضرورة أنّ الحاكم بالرأي ليس كذلك على الإطلاق ؛ لوقوع الخطأ في حكمه .
ثمّ من هذا يظهر أيضاً أنّه ينبغي حمل ما ورد في غيره من أمثال هذه العبارة مهما يناسب على هؤلاء ، ولا أقلّ من إمكان الحمل بحيث لا يمكن الاستدلال على كون المراد غيرهم .
وأمّا ثالثاً : فلأنّ قوله : «وعليكم» إلى آخره ، كالصريح في لزوم