صرّح النبيّ صلىاللهعليهوآله على أنّ مثل ذلك الإجماع لا يكون على فساد ولا خطأ ، فكيف يمكن دعوى كون تلك البيعة من ذلك الإجماع ، لا سيّما بعد ملاحظة ما بيّنّاه أيضاً من أنّ الذي ينادي به تفحّص حقيقة الحال أنّ مبنى هذه البيعة إنّما كان على محض الاستبداد بالرأي والقياس من بعض الناس على مثل استبداد إبليس .
حتّى أنّه يظهر أنّ هذا مثل قياس إبليس أيضاً فيما مرّ (١) في قياسه من استلزام الغلوّ والتشبيه وغير ذلك ؛ حيث إنّهم غلوا في أبي بكر حتّى جعلوه في المرتبة التي سيأتي في محلّه أنّها مرتبة الأنبياء والأوصياء المعصومين العلماء بجميع الاُمور من اللّه ربّ العالمين ، حتّى أنّهم قدّموه وفضّلوه على عليّ عليهالسلام الذي كان من أعلم (٢) الأوصياء (٣) ؛ باستجماعه الكمالات المتقدّمة والآتية بنصّ (٤) خاتم النبيّين ، حتّى أنّه ربّما يقال : باستلزام تفضيلهم هذا أن يفضّلوه (٥) على النبيّ صلىاللهعليهوآله (٦) ولو فيما سوى النبوّة ؛ لما مرّ من كون عليّ عليهالسلام بمنزلة النفس من النبيّ صلىاللهعليهوآله وخلقِهما من نور واحد (٧) ، وأمثال ذلك ممّا سيأتي .
ثمّ إنّهم لم يخصّوا ذلك بأبي بكر ، بل جعلوا عمر وعثمان أيضاً كذلك ، حتّى أنّهم غلوا في أنفسهم أيضاً ؛ حيث اتّخذوا مرتبة النبوّة بل
__________________
(١) في ص : ١٠٤ .
(٢) في «س» و«ش» : «أعظم» .
(٣) في «م» زيادة : «المعصومين» .
(٤) في «س» و«ش» و«م» : «ونصّ» وما أثبتناه من «ن» .
(٥) في «ن» : «فضّلوه» .
(٦) في «س» زيادة : «أيضاً» .
(٧) تقدّم في ص ١٠٠ .