هو من بيده تجري المصلحة أيضاً ؛ لأنّه جعل أخيراً هؤلاء الذين جرت هذه المصلحة على أيديهم تحت جيش اُسامة ، حتّى أنّه لم يرخّصهم في التأخير أبداً ، لكنّهم ـ بزعم أتباعهم كما مرّ ـ من حيث علمهم بصلاح الاُمّة في تأخيرهم تخلّفوا حتّى جرت هذه المصلحة على أيديهم . وهذا مع كونه ظاهر السخافة ، يستلزم التنقيص على اللّه عزوجل أيضاً ، كما هو ظاهر .
فتأمّل في جميع ذلك حقّ التأمّل ، حتّى تعرف أيضاً سخافة سائر التوجيهات من التمحّلات التي ذكرها جمع منهم في هذا المقام ؛ لتصحيح التعيين المذكور ، والتعجيل فيه ـ ممّا سيأتي كلٌّ مع جوابه الشافي في محلّه ـ التي عمدتها ما ذكروه في قِدَم صحبته من اختصاصه بمرافقة الغار ونزول الآية فيها ، وما ادّعاه جماعة أيضاً من أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله أبا بكر بالإمامة في الصلاة ، ومن كون ميل أكثر الناس إليه وانحرافهم عن بني هاشم ، لا سيّما عليّ عليهالسلام ، ومن كونه كالوالد للنبيّ صلىاللهعليهوآله وعليّ عليهالسلام كالولد ، ودخوله في المشاورات ، وإمارته في بعض الأسفار ، وممّا نقلوا فيه من بعض الآيات والأخبار ، حتّى اعتذر بعضهم عن التعجيل في تعيينه بخوف الناس من هجوم الأعراب ـ كمسيلمة وأمثاله ـ على المدينة ، وعن صرف ذلك عن عليّ عليهالسلام إلى هؤلاء بإرادتهم إعلام أنّ هذا الأمر ليس كسلطنة سائر الملوك والحُكّام في التوريث بها ، وأمثال ذلك .
فإنّ أوّل ما يقلع أساس جميع ما بنوا عليه من أصله أن يقال أوّلاً (١) : لا شكّ فيما مرّت الإشارة إليه مراراً وسيأتي بيانه مع وضوحه كراراً ، من أن
__________________
(١) في «م» و«ن» : «لهؤلاء» بدل «أوّلاً» .