ليس على العباد في جميع ما ورد عن اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ـ الذي لا ينطق عن الهوى ، لا سيّما المعلوم أنّه (١) من وحي يوحى ـ إلاّ الطاعة والقبول والانقياد ، حتّى لا يجوز لهم السؤال عن وجه الحكمة في الأمر ، فضلاً عن التصرّف فيه بالردّ والاستنقاد ، ولا سيّما ترجيح الاستبداد بالرأي عليه الذي قد ظهر عياناً بطلانه مطلقاً ، واستلزامه الضلال والإضلال أبداً ، وكونه فعل الشيطان أوّلاً ، ودأب أهل الكفر والطغيان سابقاً ولاحقاً ، وأصل الشُبه المتولّدة من عدم الإذعان بحكمة اللّه الناشئ من ذلك أيضاً كما هو ظاهر ، وينادي به ما نقله الشهرستاني ـ كما مرّ بيانه ـ في شُبه إبليس من أنّ اللّه سبحانه أجابه عن جميع ما أورده من شُبهه : بأنّك لو كنت صادقاً في دعوى اعتقادك بأنّي ربٌّ حكيم ، مخلصاً بأنّي إلهك وإله الخلق أجمعين ، لما خالفت أمري وحكمت (٢) عليَّ بـ : لِمَ ، فأنا اللّه الذي لا إله إلاّ أنا ، لا أُسأل عمّا أفعل والخلق مسؤولون (٣) .
وإنّ حال هؤلاء في فعلهم المذكور كان بعينه مثل ذلك ، فإنّهم لو اعتقدوا صدق النبيّ صلىاللهعليهوآله في أمره ، وأنّه لم ينطق عن الهوى ؛ حيث أمرهم بالتمسّك بعده بالكتاب والعترة دون غيرهما ، حتّى صرّح بانحصار الخلاص من الضلالة فيهما ، وعلموا أنّ ربّهم الذي أمرهم صريحاً بأخذ ما آتاهم الرسول وترك ما نهاهم عنه ، حكيم عليم مختار في أمره لا يُسأل عمّا يفعل ، وكانوا موقنين بصدق قوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ
__________________
(١) في «م» «ن» ، وأنّه .
(٢) في «س» و«م» و«ن» : واحكمت ، وفي المصدر : «واحتكمت» .
(٣) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٨ ، وتقدّم تخريجه أيضاً في ص ٩٤ ، هامش (٣) .