هذا ، مع أنّ الحقّ الواضح ـ كما سيأتي مفصّلاً في محلّه ـ أنّ في القرآن آيات كثيرة دالّة على خطئهم ذلك اليوم ، لا سيّما من جهة ما قالوا من تفويض اختيار الإمام إلى الاُمّة ، كقوله تعالى : ( لْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ) إلى قوله : ( وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ) (١) ، وأمثال ذلك ممّا يأتي ، وكذا من جهة الدلالة على اختصاص عليّ عليهالسلام بالخلافة ، وهي أكثرها ، وتأتي أيضاً في فصول نقل فضائله وغيرها .
نعم ، عدم ظهور ما يدلّ على صحّة ما بنوا عليه أمرهم ، بل عدم وجوده فيه مسلّم ، وكان هذا هو وجه سكوتهم عن الكتاب ؛ إذ من البيّن أنّهم لو وجدوا ملجأً صحيحاً فيه ولو آية محكمة صريحة في أمرهم لتمسّكوا به حتّى يخلصوا عن التشبّث برأيهم ، بل لصاحوا به على المنابر ، كما ينادون بآية الغار مع أنّها ـ كما ستأتي في محلّها ـ لا تفيد لأبي بكر إلاّ العار والشنار .
وأمّا العترة ، فحالها في الترك أظهر من الكتاب ؛ ضرورة أنّ أهل التمسّك منهم ذلك اليوم كان منحصراً عرفاً في عليّ عليهالسلام والعبّاس وواقعاً ـ لما سيأتي ـ في عليّ عليهالسلام ، وعدم حضورهما في السقيفة واضح ؛ إذ لم يجز عندهما ترك تجهيز النبيّ صلىاللهعليهوآله ، بل لم يخطر ببالهما ما فعل هؤلاء ، وأمّا هم ، فلم يخطر ببالهم حينئذٍ وجود العترة في الدنيا ، بل ربّما يقال بأنّه لم يُرد بعضهم حضورهما إن لم نجزم بذلك ، وكفى شاهداً أنّه لم يتكلّم أحد منهم بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أمرنا بالتمسّك بالعترة ، فأين العترة ؟
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ٦٤ .