وبالجملة : عدم مدخليّة العترة ذلك الحين في البيعة ولا في الشَّوْر لا شكّ فيه ، ولا يمكنهم إنكاره ، بل لم ينكروا أيضاً ، فإذاً لا يبقى مجال شكّ في عدم تمسّكهم حينئذٍ بالعترة ، وعدم تحقّق الإجماع الذي يأتي أنّه مجزوم الصحّة ، ولا أقلّ من عدم الجزم بتحقّقه .
ثمّ إنّهم بعد ذلك ـ كما أشرنا إليه آنفاً ويأتي مفصّلاً ـ لم يتعرّضوا أيضاً بما كان عليهم من التمسّك المذكور ، ولا أقلّ من تحقيق صحّة ما بنوا عليه أمرهم وسقمه منهما ولو على سبيل الاستشارة والاستفادة ، بل كان مبنى أمرهم على صحّة فعلهم المبتني على رأي بعضهم ، ومنتهى همّتهم على دعوة الناس إلى بيعتهم طوعاً أو كرهاً ، فتركوا ذكر الرجوع إلى ما في الكتاب بالمرّة ، بل رُدع من استمسك به ، كما ينادي به ما ذكروه في مشاجراتهم مع بعض مَنْ عارضهم ؛ حيث لم يجدوا فيه ما ينفعهم من المحكمات ، كما ذكرنا آنفاً .
وأمّا العترة ، فما نقله هم في كتبهم المعتبرة عندهم من مشاجرات (١) عليّ عليهالسلام ، حتّى بعـض من تبعه أيضاً كالعبّاس والزبير وغيرهما معهم ، مـن أوّل الحال إلى أن انتهى إلى حدّ الإلجاء إلى الإطاعة ظاهراً من قلّة الأنصار وعدم الاقتدار وغير ذلك ـ كما سيأتي مفصّلاً ـ واضح الدلالة على ما هو خلاف شرط التمسّك ، فضلاً عمّا نقله أئمّة أهل البيت عليهمالسلام وبعض الصحابة ممّا يدلّ صريحاً على أنّهم آذوا عليّاً عليهالسلام حتّى بايع قهراً (٢) .
__________________
(١) في «م» : «مشاجراتهم مع» .
(٢) انظر : تفسير العيّاشي ٢ : ٢٠٤ / ١٧٥٦ ، الاختصاص : ١٨٦ ، اختيار معرفة الرجال : ٦ / ١٢ ، الاحتجاج ١ : ١٨٣ و٢١٣ .