مع أنّه يكفي هاهنا في صدق تركهم التمسّك ما هو مسلّم قطعاً من صدور الإباء من عليّ عليهالسلام بأيّ نهج كان ، ومن أيّ جهة صدر ؛ إذ لا أقلّ من دلالة ذلك على عدم طيبة خاطرٍ له ، بل وجود كُرْهٍ منه ؛ إذ لو تحقّق التمسّك ولو في الشور لم يكن ذلك أصلاً ، بل الحقّ أنّ عدم إسراعه إلى الدخول معهم حجّة عليهم ؛ إذ شأنه أعلى من نسبة أدنى مداهنة إليه فيما فيه صلاح المسلمين ورضا اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ورواج الدين ، ولا يمكنهم الاعتذار باشتغاله بأشغال اُخَر ؛ إذ عندهم أنّ هذا كان أعظم حتّى من تجهيز النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ومع هذا كان يمكن أن يحضرهم لحظة ويصوّب أمرهم ويرجع إلى شغله ، لا سيّما بعد الفراغ من التجهيز . نعم ، الحقّ ـ كما سيظهر ـ أنّ ما ورد من اعتذاره فإنّما هو دفاع منه عن الدخول معهم .
وبالجملة : لا يمكن إنكار عدم رضاه ، بل ولا عدم رضا جماعة من الأعيان بفعلهم ، كما سيظهر عياناً ، وبه يتحقّق تركهم الاستمساك المذكور ، فضلاً عن سائر ما نقل في هذا المقام .
وأمّا الإطاعة أخيراً فلا حجّيّة فيها أصلاً ، كما هو ظاهر ؛ ضرورة عدم استلزام ذلك رضاه عنهم باطناً . بل الحقّ ـ كما يظهر من فعله أوّلاً وشكاياته أخيراً ، وأمثال ذلك ممّا سيأتي مفصّلاً ـ عدم رضاه عنهم ، وعدم تصويبه فعلهم أصلاً ، وأنّ الإطاعة ظاهراً كانت لبعض المصالح والمداراة ونحوهما بعد إتمام الحجّة وبيان الحقّ بما فَعَل أوّلاً ، على أنّه يكفي لنا فيما نحن فيه كون أصل مبنى فعلهم على محض الرأي بدون التمسّك بالكتاب والعترة ، مع أنّ حقّ التمسّك بالعترة أن يجعلوا الخلافة لعليّ عليهالسلام ، كما سيأتي أيضاً ، فتأمّل .