ثمّ إنّ لنا أن نرجع إلى أصل الجواب القالع (١) أساس بنيانهم ، فنقول ثانياً : إنّ جوابنا الأوّل كان على سبيل المماشاة معهم في ادّعاء عدم صدور تعيين الإمام من اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، وإلاّ فالحقّ أنّ اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله عيّنا عليّاً عليهالسلام وصيّاً لرسول اللّه (٢) صلىاللهعليهوآله ، وإماماً للمسلمين ، ومعلّماً لأحكام الدين ، وأنّ هؤلاء الجماعة خالفوا اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله في فعلهم المذكور ، واستبدّوا برأيهم في مقابل أمر اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله بعين ما مرّ من أفعال الشيطان وتلامذته وسائر أتباعه من أهل الملل السالفة حذو النعل بالنعل ، التي منها حكاية هارون والعِجْل ، ومن دخل في وصاية أوصياء موسى وعيسى عليهماالسلام مثلاً ، كما مرّ سابقاً .
وذلك لأنّه لا شكّ في أنّه قد ورد في عليّ عليهالسلام مع استجماعه ـ كما ذكرنا مجملاً ـ الكمالات التي خصّت به أو عمّت خصوص من يأتي كونه مثله من نسله ما هو ثابت ، حتّى من نَقْل منكري خلافته ، بل مع اعترافهم أيضاً بصحّته ، ممّا ينادي بأنّه كان متعيّناً من اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله لهذا الأمر ، حتّى النصوص الصحيحة الصريحة في ذلك بالنسبة إليه خاصّة ، أو مع مشاركة بقيّة الأئمّة عليهمالسلام من نسله معه أيضاً ، حتّى مع نفي مدخليّة غيرهم ، كما سيأتي جميع ذلك مفصّلاً ، لا سيّما في فصول اُخَر من مقالات المقصد الأوّل ، بحيث إنّ بعد التأمّل فيها سنداً وكثرةً ودلالةً ، وبحسب القرائن الحاليّة والمقاليّة وملاحظة بعضها مع بعض لا يبقى لمن فيه شائبة من الإنصاف شكّ ولا شبهة في وصولها إلى حدّ القطع بالورود ، والجزم بالدلالة على المقصود ، لا سيّما مع إضافة ما سيتّضح في سائر مقالات المقصد
__________________
(١) في «ش» : «القاطع» .
(٢) في «ش» و«س» : «للرسول» .