المذكور وغيرها من ثبوت لزوم ورود جميع الأحكام من اللّه تعالى ، ووجود المعلّم طول بقاء التكليف ، وكونه إمّا نبيّاً أو وصيّاً متّصفاً بصفات النبيّ صلىاللهعليهوآله ، لا سيّما العلم والعصمة واليقين ، وكون ذلك كذلك أبداً من زمان آدم عليهالسلام .
هذا كلّه مع ادّعاء عليّ عليهالسلام ذلك كلّه ، وأنّه الإمام في عصره ، مع كونه مسلّماً في العلم بحيث لا يحتمل توهّمه في دعواه ، وفي الصدق بحيث لا يمكن تكذيبه ، فافهم .
وإن تشبّث أحد بأنّ اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله إذا كانا معيّنَين عليّاً عليهالسلام للإمامة ، فلِمَ لم يحتّما على الاُمّة حتماً صريحاً ، بحيث لا يتمشّى لهم فيه الخلف والتبديل ، ولا يحتمل الاستنكار ؟
فجوابه : أوّلاً : إنّ هذا الكلام بعينه في مقابل ما ورد من الأدلّة من قبيل شُبهة إبليس وحكمه على اللّه بـ : لِمَ ، وسؤاله عن الحكمة ، كما مرّ (١) ، وكذا أمثال ذلك من الشبهات التي أصلها من شُبهة الشيطان التي ذكرناها سابقاً مع جوابها .
وثانياً : بأنّ إرادة اللّه تعالى ما مرّ سابقاً من امتحان العباد ، وتمييز الطيّب من الخبيث (٢) ، وكذا ما سيأتي من عدم تعذيب هذه الاُمّة بمثل عذاب الاستئصال ، وأمثالهما من سائر الحِكَم البالغة اقتضت ذلك النوع من البيان ، فصار ذلك ـ كما مرّ في حكاية الشيطان ـ سبب شبهة أهل الضلال ، الجاهلين بأسرار حكم اللّه المتعالي ، المعترضين لذلك على ربّهم في ضمن السؤال ، بل هذا هو أدلّ دليل أيضاً على أنّ الاعتماد على مقتضى الرأي
__________________
(١) في ص ٩٣ .
(٢) انظر ج ١ : الباب الثاني .