فظهر أنّ هذا أيضاً عمل بالرأي في مقابل الكتاب والسنّة ، نعم لم يكن نبيّ ولا وصيّ إلاّ من لم يُشرك أبداً ، وسيأتي مفصّلاً ، فافهم .
وأمّا اعتذارهم عن التعجيل بما ذكروا فمن الواضحات البيّنة أنّهم لم يكونوا أعلم بحقيقة الحال من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولا أشفق منه على الإسلام ؛ ضرورة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لو لم يكن مطمئنّاً من ذلك لما جيّش في عين مرضه جيش اُسامة ، بحيث جعل أكثر أعيان الصحابة معه حتّى هؤلاء الجمع الذين ادّعى لهم أتباعهم كونهم أشفق من غيرهم على حفظ بيضة الإسلام ، ولما عجّل عليهم أيضاً ذلك التعجيل ؛ إذ لا أقلّ من احتمال فوته بعد فراغ المدينة وبُعْد الجيش ، حتّى أنّه لا يمكن دعوى حدوث الخوف حين الفوت ؛ لوضوح كون حزم النبيّ صلىاللهعليهوآله أكثر (١) من التغافل أو الغفلة عن هذا الاحتمال ، مع عدم نقل أحد ذلك الحدوث في ذلك الحين .
نعم ، سيأتي في المقصد الثاني والختام ما يستفاد منه ، بل يظهر أنّ سبب استعجالهم كان خوفهم من فراغ بني هاشم عن تجهيز النبيّ صلىاللهعليهوآله قبل البيعة ، وادّعاءهم الخلافة لعليّ عليهالسلام كما ادّعوا فيما بَعْدُ ، فاعتذر الأكثر بأنّ الأمر قد فات ، وقد مرّ من كتاب تاريخ بغداد وغيره (٢) بعض ما يؤيّد هذا ، بحيث يشعر بانحراف عمر عن خلافة عليّ عليهالسلام ، فافهم .
واعلم أنّ الشهرستاني وكذا غيره (٣) ذكروا اختلافات اُخَر أيضاً كلّها متفرّعة على هذه الخلافة ، وضلالتها ناشئة من ضلالتها ؛ ضرورة أنّه لو لم تكن هذه لم تكن تلك أيضاً ، كما مرّ بيانه مراراً ويأتي أيضاً مع ظهوره
__________________
(١) في «ش» : «أزيد» بدل «أكثر» .
(٢) في ص ١٣١ هامش (٥) وص ١٣٥ .
(٣) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٦ ـ ٣٠ ، الفِرَق بين الفرق : ١٤ ـ ٢٠ .