وقال ابن حزم (١) : إنّه مكذوب موضوع باطل (٢) .
أقول : مع قطع النظر عن كلامهم في الإسناد ، وضوح عدم استقامة ما فهمه القوم ـ حتّى ممّا ذكروه مسنداً ، أعني هذه العبائر الثلاث ـ عقلاً ونقلاً ، بل على مسلك القوم أيضاً كما سيظهر ، كالشمس في رابعة النهار ، بحيث أن لا مخلص لهم عن ذلك إلاّ أن يلتزموا كونها إمّا موضوعة ، أو المراد غير المعنى الذي فهموه منها .
أمّا أوّلاً : فلأنّ ما فهموه منها خلاف صريح محكمات الآيات القرآنية ، كما مرّ بعضها ويأتي بعض .
وأمّا ثانياً : فلأنّه خلاف جميع ما مضى ويأتي من صحاح الأخبار النبويّة وأمثالها ، التي وصلت حدّ المتواترات (٣) المعنوية ، لا سيّما الأخبار التي وردت في خصوص ذمّ الاختلاف ، وما ورد في ذمّ بعض الأصحاب ولو على سبيل الإجمال ، كما سيأتي في أحاديث الحوض وغيرها في مقالات المقصد الثاني ، بل ربّما يقال : لم نجد حديثاً إلاّ منافياً لهذا .
وأمّا ثالثاً : فلما ذكره صاحب كتاب الاستغاثة (٤) ، حيث قال : إنّ هذا
__________________
(١) هو عليّ بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي الظاهري ، يكنّى أبا محمّد ، يعرف بابن حزم ، وقيل : إنّه تفقّه أوّلاً للشافعي ، ثمّ قال بنفي القياس ، والأخذ بظاهر النصّ وعموم الكتاب والحديث ، واشتهر بهذه العقيدة ، له كتب نحو أربعمائة مجلّد ، منها : المحلّى ، والإحكام في أُصول الأحكام ، والفصل في الملل والأهواء وغيرها ، ولد سنة ٣٨٣ هـ ، ومات سنة ٤٥٦ هـ .
انظر : معجم الأدباء للحموي ١٢ : ٢٣٥ / ٤٤٨ ، وفيات الأعيان ٣ : ٣٢٥ / ٤٤٨ ، سير أعلام النبلاء ١٨ : ١٨٤ / ٩٩ ، شذرات الذهب ٣ : ٢٩٩ .
(٢) الإحكام في اُصول الأحكام ٦ : ٢٤٤ .
(٣) في «م» : التواترات .
(٤) في «ن» : الاستيعاب ، وهو تصحيف .