القول لا يخلو من أن يكون الرسول صلىاللهعليهوآله قاله لأصحابه وغيرهم ، أو قاله لأصحابه دون غيرهم ، أو قاله لغير أصحابه .
فإن قالوا : إنّه قاله للصحابة وغيرهم ، أو قاله للصحابة دون غيرهم ، قيل لهم : فهل يستقيم في الكلام الفصيح المحكم أن يقول لأصحابه : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» ، وكذا قوله : «اختلاف أصحابي رحمة لكم» ، أما ترون ، محال هذا الكلام ما أبينه ؟ .
وإن قالوا : إنّه قاله لغير الصحابة ، قيل لهم : هل معكم بهذا خبر معروف مجمع عليه ، فارووه ؟ أم هو شيء تتخرّصونه بعقولكم واستدلالكم ؟ فغير مقبول ذلك منكم ؛ لأنّ الصحابة هم الذين رووه ، بل إنّما رواه عمر وكذا ابن عباس ، فلو كان قاله لغيرهم لكان قد ذكروا ذلك الخبر ، وكانوا يقولون أو يقول : إنّ الرسول قال لجميع من أسلم غير الصحابي : «أصحابي كالنجوم» إلى آخره ، ولمّا لم يكن في نقلكم شيء من هذا التخصيص ، بطل ادّعاؤكم في ذلك (١) ، ثمّ ذكر إيرادات أُخَر أيضاً .
وأمّا رابعاً : فلأنّه يلزم حينئذٍ أنّ كلّ من اتّبع قول بعض الجهّال ، بل الفسّاق من الصحابة أو المنافقين منهم ، وترك العمل بقول بعض العلماء الصالحين منهم ، يكون مهتدياً ومن أهل النجاة ، وهو خلاف السنّة الثابتة ومحكم القرآن ، بل بديهيّ البطلان .
وأمّا خامساً : فلأنّه يلزم حينئذٍ أن يكون التابع لقتلة عثمان ، والذي قعد عن نصرته تابعاً للحقّ ومهتدياً ؛ ضرورة كون أكثرهم من المهاجرين والأنصار ، وكذا يكون هكذا من اتّبع عثمان في امتناعه [عن (٢) ] دفع مروان
__________________
(١) كتاب الاستغاثة : ١٨٥ ـ ١٨٦ بتفاوت .
(٢) زيادة يقتضيها السياق .