مذهب الإماميّة ، حتّى أنّه ذكر مواضع من الكتابين تدلّ على البشارة بالنبيّ وأوصيائه الأئمّة الاثني عشر عليهمالسلام (١) ، وقد ذكرنا بعض ذلك في فاتحة كتابنا هذا ، ونذكر أيضاً غيره في محلّه إن شاء اللّه تعالى .
ثمّ إنّ النصارى اشتهرت بينهم ثلاثة مذاهب بل أربعة ، كاليهود ، وتشعّبت إلى سائر الفِرَق .
فمنها : النسطورية ، أصحاب نسطور الحكيم ، وقد مرّ في الفصل الأخير من الباب السابق بعض عقائده ، وأنّه تصرّف في الإنجيل بحكم رأيه ، وقال : اتَّحدت الكلمة بجسد عيسى عليهالسلام على طريق ظهور النقش في الخاتم وكإشراق الشمس على بلّور ، وذكرنا أنّ من أتباعه من قال : إذا اجتهد الرجل في العبادة ، وترك التغذّي باللحم والدسم ، ورفض الشهوات النفسانيّة يصفو جوهره ، حتّى يبلغ ملكوت السماء فيرى اللّه جهرة ، ويكشف له ما في الغيب (٢) ، ونحو ذلك من المزخرفات .
ومنها : الملكانيّة ، أصحاب ملكا ، وهو الذي ظهر في الروم ، قالوا : إنّ الكلمة اتّحدت بجسم المسيح وتدرّعت بناسوته ، وامتزجت به امتزاج اللّبن بالدهن (٣) ، ولا حاجة إلى ذكر سائر مزخرفاتهم .
ومنها : اليعقوبيّة ، أصحاب يعقوب ، قالوا : إنّ الكلمة انقلبت لحماً ودماً فصار الإله هو المسيح وهو الظاهر بجسده ، بل هو هو ، وهؤلاء الذين حكى اللّه عنهم بقوله : ( قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) (٤) ، وغيرهم
__________________
(١) لم نعثر على قوله .
(٢) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٢٤ ـ ٢٢٥ .
(٣) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٢٢ بتفاوت .
(٤) سورة المائدة ٥ : ٧٢ .