الأمرين» (١) ، بنحو ما سيأتي بيانه في ذكر مذهب الإماميّة ؛ إذ على هذا يكون القول بالقدر ـ بالتفسير الذي مآله إلى كون الخير والشرّ كلّه من اللّه من غير ثبوت استطاعةٍ للعبد ، وأنّ أفعال العباد كلّها بالقضاء الحتم والقدر اللازم ، كما سيأتي في بيان مذاهب الأشاعرة وأمثالهم من الجبريّة ـ باطلاً ، وكذا يكون باطلاً بالتفسير الذي ـ يأتي في بيان مذاهب المعتزلة وأشباههم من المفوّضة المنكرين لقضاء اللّه وقدره في أفعال العباد ـ مآله إلى كون الخير والشرّ كلّه إلى العبد ، من غير مدخليّة للّه عزوجل في شيء من ذلـك .
ولعلّ هذا هو السرّ في تعبير النبيّ صلىاللهعليهوآله بلفظة «القدريّة» لاشتمالها ـ بحسب تعدّد تفسيرها ـ سائر المذاهب الباطلة ، كما أنّ المرجئة أيضاً كذلك ، كما قال صلىاللهعليهوآله : «اُعطيت جوامع الكلم» (٢) ، وأخبر بهلاكة ما سوى الواحدة من البضع والسبعين .
لكنّ الذي يظهر من بعض ما مرّ من الأخبار مشعر بصدقها على القائل بالتفويض المذكور ، كما هو المشهور الوارد في أكثر أخبار أهل البيت عليهمالسلام ، إلاّ أنّه لا ينافي صدقها على الجبريّة أيضاً ، كما يظهر من بعضٍ آخَر من أخبارهم ، كما رواه محمود الخوارزمي في كتاب الفائق وكذا غيره : عن جابر ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «يكون في آخر الزمان قوم يعملون بالمعاصي ويقولون : إنّ اللّه قدّرها عليهم ، الرادّ عليهم كالشاهر
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٢٤ / ١٧ ، التوحيد : ٢٠٦ / ٩ في ذيل الحديث .
(٢) شعب الإيمان ٢ : ١٦٠ / ١٤٣٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٤ : ٨ ، مجمع الزوائد ٨ : ٢٥٨ ، كنز العمّال ١٦ : ١١٢ / ٤٤٠٨٧ .