وأمّا سادساً : فلأنّه يستلزم أن لا يكون عند القوم كلّ من لم يقل بخلافة أبي بكر وأبطل رأي أصحاب السقيفة مبطلاً ، بل يجب أن يكون محقّاً مهتدياً ؛ لاقتدائه في ذلك بسعد بن عبادة (١) الذي لا شكّ ولا خلاف في كونه من كبار الصحابة ، وفي عدم بيعته لأبي بكر ولا لعمر أصلاً ، وبأمثاله ممّن سيظهر أنّه لم يبايع يوم السقيفة ، فإذن ، لا يرد لهم عتب على منكري الثلاثة ولا اعتراض وإن صحّحوا خلافتهم .
وأمّا سابعاً : فلأنّه يستلزم أن لا يجوز للقوم أيضاً عتاب على من إذا سَبّ أحداً من الصحابة ، أو أظهر عداوته ، أو تبرّأ منه ، أو شتمه ونحو ذلك ، فإنّ جميع هذا ممّا صدر من بعض الصحابة ، كمعاداة عثمان لجمع من الصحابة حتّى أخرج أبا ذرّ من المدينة ، وأهان غيره ، وكمعاداة جماعة كثيرة منهم (له) (٢) بحيث انجرّ إلى قتله ومنعه من الدفن ، حتّى أنّهم سمّوه نعثلاً ، وكسَبّ عليّ والحسنين عليهمالسلام ، وابن عبّاس ، وعمّار ، ونظرائهم معاوية وعمرو بن العاص وغيرهما من الصحابة الذين كانوا من مشاوريهما ، وكسبّ معاوية وعمرو ومن وافقهما من الصحابة عليّاً والحسنين عليهمالسلام
__________________
(١) هو سعد بن عبادة بن دُليم بن أبي حليمة الأنصاري ، يكنّى أبا ثابت ، من أصحاب رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، كان سيّداً في الأنصار مقدّماً وجيهاً ، جواداً كريماً .
ولمّا بويع أبو بكر يوم السقيفة ، لم يرض سعد أن يبايع ، فقالوا له لمّا أبى البيعة : لا تساكننا في بلدٍ ، فنفي إلى حوران ، فرمي بسهم في الليل فقُتل ، فقالوا : إنّ الجنَ رمته ، وقيل : إنّ الذي رماه المغيرة بن شعبة ، وقيل : شخصان آخران غيره كُلّ واحدٍ رماه بسهمٍ واشيع إنّ الجنّ رمته .
مات سنة ١٥ هـ بأرض الشام .
انظر : أعيان الشيعة ٧ : ٢٢٤ ، الإمامة والسياسة ١ : ٢٧ ، الاستيعاب ٢ : ٥٩٤ /٩٤٤ .
(٢) ما بين القوسين لم يرد في «م» وفي «ش» زيادة : (بل) .