أهل الجنّة ، ولا بقول أهل النار ، ولا بقول إبليس ؛ فإنّ اللّه عزوجل قال : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ) (١) ، وإنّ أهل الجنّة قالوا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ) (٢) ، وقال أهل النار : ( رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ) (٣) ، وقال إبليس : ( رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ) (٤) (٥) ، الخبر .
وقد قيل : إنّ مآل كلام هؤلاء أن يكون ما شاء إبليس ولا يكون ما شاء اللّه ، كما أخبر اللّه مثله عن اليهود بقوله تعالى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ) (٦) ، الآية .
ثمّ إنّ هؤلاء قد يسمّون بأهل التوحيد وبالمعتزلة ، بل إنّهم اشتهروا بالأخير :
أمّا الأوّل : فلأنّهم ينفون وجود قديمٍ غير اللّه عزوجل ، وينزّهونه عمّا ادّعاه الأشاعرة وأتباعهم من التشبيه والرؤية بالأبصار وأمثال ذلك ، ومن الصفات القديمة الزائدة على الذات المقدّسة ؛ ولهذا اتّفقوا على أنّ كلامه حادث ليس بقديم .
وأمّا الأخيـر : فلأنّ هـذا المذهب ـ بـل أصـل الاختـلاف والكـلام في الاُصـول ، كما صرّح بـه الشهرستاني وغيره ـ حدث في زمان عبد الملك
__________________
(١) سورة الإنسان ٧٦ : ٣٠ .
(٢) سورة الأعراف ٧ : ٤٣ .
(٣) سورة المؤمنون ٢٣ : ١٠٦ .
(٤) سورة الحجر ١٥ : ٣٩ .
(٥) المحاسن ١ : ٣٨٠ / ٨٤٠ ، الكافي ١ : ١٢٠ / ٤ (باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين) ، مختصر بصائر الدرجات : ٣٧٩ / ٤٣٨ ، بحار الأنوار ٥ : ١٢٢ / ٦٩ .
(٦) سورة المائدة ٥ : ٦٤ .