من فقهائهم ، والمورد ـ كما عرفت ـ الصحابة دون غيرهم ، ودون إثبات عدم الفرق خرط القتاد ، فانسحاب الحكم إلى الغير تحكّم (صرف) (١) ساقط في مقابل الكتاب والسنّة ، وكأنّه لأجل هذا غيّر العبارة مَنْ نَقَله بقوله : «اختلاف أُمّتي رحمة للناس» ، لكن لم يعلم أنّ هذا أكثر فساداً ، وأعظم قباحةً ، وأوضح شناعةً ؛ لأنّه :
أوّلاً : خلاف ما هو موجود في كتب حفّاظ الحديث كما مرّ ، فضلاً عن حال السند ، بل الظاهر ممّا ذكرناه من الأخبار الثلاث أنّ من روى هكذا إمّا متوهّم ، أو كاذب متعمّد ، وما مرّ من كلام السيوطي محض توجيه بعيد لدفع الجزم بالوضع ، لا كونه قابلاً للاستدلال به أو الاعتماد عليه . نعم ، ربّما يقال : إنّ مراده أنّه حديث آخَر وارد هكذا ، كما سيأتي مؤيّداً له عن الصادق عليهالسلام .
وثانياً : يرد عليه جميع ما أوردناه آنفاً مع زيادة مفاسد اُخَر عظيمة ، بحيث لا يمكن لهم التوجيه والدفع ، حتّى أنّ أدنى ما يرد عليهم مناقضة صريحة للأحاديث التي اتّفق على نقلها وصحّتها المخالف والمؤالف ، التي منها : إخبار النبيّ صلىاللهعليهوآله بافتراق الاُمّة إلى نيف وسبعين فرقة ، واحدة منها ناجية والباقون كلّهم هالكون وفي النار ؛ إذ لا يتبادر من الرحمة إلاّ خلاف النقمة ، فيستلزم ترتّب الثواب وترك العقاب ، وهو مناف للهلاكة ، بل يلزم ممّا ذكروه عدم جواز تضليلهم أحداً من طوائف الإسلام ؛ لاستناد كلٍّ منهم إلى شيء زعمه حجّة ثابتة وإن كان مخطئاً واقعاً ، بل ولو كان مستندُه شبهة واضحة البطلان ، بل ولو كانت خلاف الضرورة الدينية واقعاً ، وعند (كلّ) (٢)
__________________
(١) ما بين القوسين لم يرد في «س» ، «ش» ، «ن» .
(٢) ما بين القوسين لم يرد في «م» .