مباين للعالم بينونة أزليّة ، ونفى التحيّز والمحاذاة ، وأثبت الفوقية والمباينة ، وأطلق أكثرهم لفظ الجسم عليه (١) .
وقال بعضهم : نعني بكونه جسماً أنّه قائم بذاته .
ثمّ إنّ منهم من أثبت له النهاية من ستّ جهات .
ومنهم من أثبت له النهاية من جهة تحت .
ومنهم من أنكر النهاية وقال : هو عظيم ، ولهم في معنى العِظَم خلاف .
فقال بعضهم : معنى عظمته هو أنّه مع وحدته على جميع أجزاء العرش ، والعرش تحته ، وهو فوق كلّه على الوجه الذي هو فوق جزءٍ منه .
وقال بعضهم : معنى عظمته أنّه يلاقي مع وحدته من جهة واحدة أكثر من واحد ، وهو يلاقي جميع أجزاء العرش ، وهو العليّ العظيم (٢) .
وأمثال هذه الأقوال السخيفة عندهم كثيرة لا نطيل الكلام بذكرها .
وأكثرهم قالوا : نحن نُثبت القدر خيره وشرّه من اللّه تعالى ، وأنّه أراد الكائنات كلّها خيرها وشرّها ، وخلق الموجودات كلّها حسنها وقبيحها ، ونُثبت للعبد فعلاً بالقدرة الحادثة يسمّى ذلك كسباً ، والقدرة الحادثة مؤثّرة في إثبات فائدة زائدة على كونه مفعولاً مخلوقاً للبارئ تعالى ، وتلك الفائدة
__________________
«الهيصميّة» المنسوبة إليه ، والتي مرّ ذكرها ضمن فِرَق الكرّامية .
وله أقوال يبدو أنّها تختلف عمّا نقل عن شيخ فرقتهم ابن كرّام الذي أسلفنا ترجمته ، كما ذكر ذلك في الوافي بالوافيات ٥ : ١٧١ / ٢٢٠٦ ، ولم نجد له ترجمة في غيره .
(١) انظر : الملل والنحل ١ : ١٠٨ ـ ١٠٩ .
(٢) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٠٩ .