ولا يخفى أنّه حينئذٍ يمكن حمل الأصحاب على الخواصّ الكمّل منهم كعليّ والحسن والحسين عليهمالسلام ونظرائهم الثابت صدقهم وعلمهم .
وممّا يدلّ على هذا الحمل أنّ هذا الخبر موجود في بعض كتب الشيعة ، ككتاب «بصائر الدرجات» رواه فيه عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، أنّه رواه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وفي آخره ، قيل : ومن أصحابك يا رسول اللّه؟ فقال : «أهل بيتي» (١) .
ولا يخفى أنّه حينئذٍ يمكن أن يقال أيضاً بأنّ المراد بالاختلاف حينئذٍ اختلاف أجوبة الأئمّة عليهمالسلام بالنسبة إلى السائلين على جهة التقيّة ، وعلى قدر عقول السائلين وتفاوت أفهامهم ؛ حيث كانوا هُمْ ، بل والرسول صلىاللهعليهوآله أيضاً مكلّفين بذلك ، كما سيأتي في محلّه ، وليس المراد اختلافهم فيما بين أنفسهم ، فإنّ أقوالهم وأفعالهم جميعاً واحدة ، كما سيظهر .
لكن لا يخفى أنّ هذا المعنى إنّما يجري في هذا الخبر ، وأمّا خبر «اختلاف اُمّتي» فمعناه ـ إن صحّت الرواية ـ ما ذكرناه أوّلاً في المراد بالاختلاف ، كما يدلّ عليه ما في كتاب احتجاج الطبرسي : عن عبد المؤمن الأنصاري (٢) ، عن أبي عبداللّه الصادق عليهالسلام إنّه قال في حديث «اختلاف أُمّتي » : «أنّه حقٌّ ، لكنّ الناس لم يفهموا معناه ؛ إذ ليس المراد اختلافهم في
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٣١ / ٢ .
(٢) عبد المؤمن بن القاسم بن قيس الأنصاري الكوفي ، يكنّى أبا عبداللّه ، من أصحاب السجّاد والباقر والكاظم صلوات اللّه عليهم ، وهو من فقهاء الشيعة ، ثقة هو وأخواه عبد الغفّار ، وعبد الواحد ، له كتاب يرويه جماعة منهم سفيان بن إبراهيم الحارثي ، توفّي سنة ١٤٧ هـ وهو ابن إحدى وثمانين سنة .
انظر : رجال البرقي : ١٧ ، ورجال النجاشي : ٢٤٩ / ٦٥٥ ، ورجال الطوسي : ١٤٢ / ١٥٢٨ وتنقيح المقال ٢ : ٢٢٧ / ٧٤٨٠ ، ومنتهى المقال ٤ : ٢٥٩ / ١٨٢٠ .