الدين ، إنّما الدين واحد ، بل إنّما المراد اختلافهم في البلدان لتحصيل الدين ، كما قال اللّه عزوجل : ( فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ) (١) » (٢) ، الآية .
فتأمّل حتّى تعرف أنّ هؤلاء القوم كثيراً ما يروون الرواية من غير فهم ما هو المراد بها ـ وسنذكر أخباراً من هذا القبيل جميعاً أو أشتاتاً ـ وكذا قد يسقطون بعض أجزاء الحديث ليحصل به إجمال ينفعهم . ولا تغفل عن دلالة حديث «البصائر» على عدم استبعاد حمل لفظ «الصحابة» في بعض الأخبار على كون المراد أهل بيته ؛ حيث إنّهم أفضلهم وأمسّهم به وأطوعهم له .
واعلم أيضاً أنّ تأويل الصادق عليهالسلام في حديث اختلاف الاُمّة يوجب الجزم بورود الخبر ؛ إذ ربّما قال عليهالسلام ذلك مماشاةً معهم حذراً من تكذيب ما اشتهر بينهم ؛ إذ يكفي في إظهار توهّمهم فيه بيان معناه الصحيح .
وبالجملة : إن سلّمنا صحّة الحديث أيضاً فهذا هو معناه قطعاً ؛ لما ذكرنا من مفاسد المعنى (٣) الذي فهموه ، فافهم .
ثمّ إنّه قد ظهر ممّا بيّنّا عدم إمكان التشبّث أيضاً هاهنا بالإجماع استناداً إلى اشتهار الاختلاف ، وكون المدار عليه كما توهّمه بعضهم ؛ إذ ـ مع قطع النظر عمّا سيأتي ممّا ينادي بأن لا اعتناء أصلاً في دعوى الإجماع إلاّ على ما ثبت اتّفاق كلّ الفِرَق عليه ـ نقول : إنّ هذا أمر ظهر ورود النهي عنه
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ١٢٢ .
(٢) الاحتجاج ٢ : ٢٥٨ / ٢٢٩ بتصرّف .
(٣) في «م» زيادة : الأوّل .