وأصل مبنى عقائد هذه الفرقة بشعبها جميعاً على الآراء المتّخذة من خيالات الملاحدة والمتفلسفة ، حتّى أَنّهم ـ لا سيّما الباطنيّة ، بل القرامطة أيضاً ـ شاركوا التناسخيّة والغُلاة ـ كما سيأتي ـ في إسقاط العبادات وتحليل المحرَّمات ، حتّى نكاح الأخوات والبنات والاُمّهات ، وسائر الأشياء التي هي خلاف ضرورة الدين وما عليه كافّة المسلمين .
فإنّ خلاصة مزخرفاتهم ـ التي ذكروها مفصّلة ممّا لا حاجة لنا إلى بيانها ـ : أنّ الإنسان إذا كمل حتّى (١) عرف الإمام سقطت عنه التكاليف الواردة في ظاهر الشريعة ؛ لأنّ المراد بكلّ واحد منها ـ بحسب البطن ـ إنّما هو الإمام وفعله معرفته كالصلاة مثلاً ، فإنّهم قالوا : إنّها اسم للإمام حقيقةً ، وإنّما أمر بالهيئة المخصوصة بحسب الشرع الظاهر حين لم يصل إلى معناها الباطن والمسمّى الحقيقي وهو الإمام ، وعلى هذا فإقامتها حقيقةً عرفانه فإذا عرفه أحد سقطت عنه الصلاة الظاهريّة ، وهكذا سائر الأحكام .
وعمدة استنادهم في هذا نقلاً ما رووه عن الأئمّة عليهمالسلام من قولهم : «إذا عرفت إمامك فاعمل ما شئت» فحملوه على ما فهموه بحسب مزخرفاتهم الخياليّة الفلسفيّة ، مع أنّ الإمام عليهالسلام فسَّره لبعض من سأله عن هذا الخبر ، فقال : «إنّما المراد أنّ من لم يعرف إمام زمانه فهو ضالٌّ جاهل لا يقبل اللّه منه ما فعل من العبادات والطاعات ، فإذا عرفت إمامك فحينئذٍ اعمل ما شئت من العبادات فإنّها مقبولة عند اللّه» ثمّ قال عليهالسلام : «من قال بهذا السقوط فهو كافر» (٢) .
__________________
(١) في «م» بدل «حتّى» : «أو» .
(٢) لم نعثر عليه .