سيأتي مع الأخبار الدالّة على ذلك في محلّه ، لا سيّما ما سنذكره هاهنا من كلام عليّ عليهالسلام وغيره ، ومن البيّن أنّ ما ادّعاه هؤلاء الجمع من بقاء أكثر الأحكام غير مبيّنةٍ يناقضه ، وهو مفاد التكذيب .
لا يقال : وجود أحكام كثيرة لا نعلمها نحن من الكتاب ولا من السنّة ثابت ، بحيث وصل إلى حدّ الضرورة ، ولا يمكن إنكاره .
لأنّا نقول : عدم علمكم بها لا يدلّ على عدم الإعلام ؛ إذ ليس بواجب على اللّه ولا على رسوله صلىاللهعليهوآله تبيان جميع الاُمور على جميع المكلّفين ، وإلاّ لم يحتج إلى بعثة النبيّ صلىاللهعليهوآله أيضاً .
بل يكفي في ذلك ـ كما يأتي في محلّه مفصّلاً ـ أن يُعلّم اللّه رسوله صلىاللهعليهوآله جميع ما تحتاج إليه أُمّته ويُفهمه جميع ما في كتابه ، ويكون الناس مأمورين بالأخذ منه ، كما قد كان كذلك في زمان نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، وينادي به قوله تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (١) ، وقوله : ( ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) (٢) وغيرهما من الآيات الصريحة والروايات الصحيحة . وأن يعلّم الرسولُ أيضاً كلّ ما علّمه اللّه تعالى رجلاً قابلاً لذلك من اُمّته ؛ ليكون مرجعهم إليه في سائر أحكام اللّه . . . وهلمّ جرّاً في كلّ عصر إلى آخر الزمان .
بل الحقّ ـ كما سيأتي أيضاً ـ أنّ هكذا كان ما جرت عليه عادة اللّه من زمان آدم عليهالسلام ، حيث أوصى إلى شيث ابنه وعلّمه ما علّمه ، وهكذا سائر الأنبياء إلى نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، فأوصى هو إلى عليّ عليهالسلام وعلّمه ما علّمه من الاُمور وعلم الكتاب ، وأودعه الحكمة وفصل الخطاب ـ كما سيأتي هذا أيضاً
__________________
(١) سورة الحشر ٥٩ : ٧ .
(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٠٨ .