منهم ، فنقل وروى كلّ مستمع عن إمامه ما سمع منه على وفق فهمه وسماعه وإن لم يعلم كون صدوره على جهة التقيّة ، أو نهج مرّ الحقّ ، فصار هذا النوع من الاختلاف سبب حدوث الخلاف الذي بين أصحاب الأئمّة عليهمالسلام ، وكذا علماء الإماميّة .
ومن البيّنات الواضحة أنّ هذا ليس من قبيل الاختلاف الذي بين سائر الطوائف ؛ ضرورة وجود بون بعيد بين هذا وبين ما عليه اختلاف سائر الطوائف من الاستنباط بالآراء والأهواء الظنّيّة الخياليّة ، وادّعاء كون ذلك المستنبط حكم اللّه رجماً بالغيب ؛ إذ خلاصة كلام هؤلاء الطائفة أنّه لمّا ثبت بالكتاب والسنّة وسائر الأدلّة القاطعة إنّا مكلّفون بإطاعة هؤلاء الأئمّة فيما قالوا وفعلوا إلاّ أن يظهر لنا أنّ ذلك الصادر منهم كان على جهة التقيّة والدفاع عنّا وعنهم ، ولم يكن لنا حاجة إلى العمل بذلك ، فمهما لم يتبيّن هذا لنا لا بأس علينا في الأخذ بذلك الصادر ، كما وردت الرخصة بذلك في صريح أخبار الأئمّة ، منها قوله عليهالسلام : «لا يسع الناس حتّى يسألوا ويتفقّهوا ويعرفوا إمامهم ، ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقيّة (١) » (٢) .
فعلى هذا إذا حصل الاختلاف بيننا في مثل هذا الصادر بأن عمل به بعضنا حيث لم يدر بالحال ، وعمل بخلافه البعض الآخَر الذي عرف حقيقته واطّلع على وجه وروده ولو بحسب القرائن التي ظهرت عليه ، لا طعن على أحد منهما بوجه من الوجوه ؛ ضرورة أنّ كلّ واحد متمسّك بما ورد عن إمامه على وفق فهمه المأمور به ؛ إذ ليس التقصير منهما
__________________
(١) في النسخ : كانت تقيّة ، وما أثبتناه من المصدر .
(٢) الكافي ١ : ٣١ / ٤ (باب سؤال العالم وتذاكره) ، منية المريد : ٣٧٦ ، بحار الأنوار ١ : ٢٢١ / ٦١ .