وأنّ اللّه تعالى غير كلّ ما تتعقّله ، فلا تصفه إلاّ بما وصف هو به نفسه بأن تنزّهه عن (١) المشابهة بشيء (٢) كلّيّاً ، ولا تخرجه إلى حدّ التعطيل أيضاً ، وتعتقد فيه ما ذكر لنفسه من جميع الكمالات مع سلب النقائص التي هي في المخلوقات ، فتقول مثلاً : إنّه تعالى شيء بحقيقة الشيئيّة لكن لا كالأشياء ؛ إذ لا يشبهه شيء منها بوجه أبداً ، وليس كمثله شيء أصلاً ، وتقول : إنّه عزوجل موجود ثابت عيناً لا كوجود المخلوقات الحادث المتنزّل العارض لها من الخارج ، وكذا تقول : إنّه جلّ وعلا قادر عالم لكن لا كقدرة سائر الموجودات وعلمها الحادثين ، الناقصين ، العارضين لها من غيرها ، وهلّم جرّاً في سائر صفات الذات الآتية .
وبالجملة : تقول : إنّه إله متعالٍ عن احتمال تطرّق نقص إليه في حال ، أو عجز من صفة كمال ، أو درك كنه حال من أحواله بتخيّل بال (٣) ، كلّ ذلك لأجل ما بيّنّاه من نفي التشبيه والتعطيل عنه ، وأنّه خلاف ما يتوهّم ويتصوّر ، كما ينادي به ـ سوى ما مرّ أيضاً ـ أخبار .
منها : صحيحة عبدالرحمن بن أبي نجران (٤) ، قال : سألت أبا جعفر الثاني عليهالسلام عن التوحيد ، فقلت : أتوهّم شيئاً ؟ فقال : « نعم غير معقول ولا محدود ، فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه ، ولا يُشبهه شيء
__________________
(١) في « م » زيادة : «المشاركة و» .
(٢) في « م » و«ش» زيادة : «من خلقه» .
(٣) في « م » زيادة : «من غيرها» .
(٤) هو عبد الرحمن بن أبي نجران التميمي الكوفي ، ثقة ، معتمد ، عدّه الشيخ رحمهالله في رجاله تارة من أصحاب الرضا عليهالسلام ، واُخرى من أصحاب الجواد عليهالسلام ، له كتب أخبر بها جماعة .
انظر : رجال الطوسي : ٣٦٠ / ٥٣٢٣ ، و٣٧٦ / ٥٥٦٧ ، تنقيح المقال ٢ : ١٣٩ / ٦٣٣٩ .