وممّا يشهد لما ذكرناه قوله تعالى : ( كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) إلى قـوله : ( إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) (١) وقوله : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ ) إلى قوله : ( وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) (٢) ؛ إذ لا شكّ أنّ القول بالاجتهاد المذكور من جملة ما لا يعلمون ؛ ضرورة عدم حصول العلم لهم بكونه حكم اللّه الواقعي ؛ إذ المعلوم هو ما لا يحتمل الخطأ .
بل ربّما يقال : إنّه مختصّ ـ فيما سوى الضروريّات ـ بالمأخوذ من اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، كما يشهد له قوله تعالى : ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) (٣) ، مع ملاحظة قوله تعالى : ( قُلْ إنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إلَىَّ مِنْ رَّبِّىِ ) (٤) ، وقوله : ( إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ) (٥) . وقوله : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) (٦) ، وأمثال هذه الآيات كما سيأتي ، ومن الروايات ما سيأتي أيضاً ، كقوله صلىاللهعليهوآله : «إنّما العلم ثلاث : كتاب ناطق ، وسنّة ماضية ، ولا أدري» (٧) ، وكغيره ،
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ١٦٨ ـ ١٦٩ .
(٢) سورة الأعراف ٧ : ٣٣ .
(٣) سورة البقرة ٢ : ١٥١ .
(٤) سورة الأعراف ٧ : ٢٠٣ .
(٥) سورة الأنعام ٦ : ٥٠ .
(٦) سورة النجم ٥٣ : ٣ ـ ٤ .
(٧) المعجم الأوسط ١ : ٣٩٨ / ١٠٠٥ ، تاريخ مدينة دمشق ١٧ : ٣١٨ / ٢٠٩٤ ، مجمع الزوائد ١ : ١٧٢ ، وفيها عن ابن عمر مقطوعاً ، جامع الأحاديث ٦ : ٢٢٦ / ١٤٥١٦ ، بتفاوت يسير .