ولا يشاء ، أَوَما رأيت أنّ اللّه تعالى نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وهو شاء ذلك ، ولو لم يشأ لم يأكلا ، ولو أكلا لغَلبت مشيئتهما مشيئة اللّه ، وأمر إبراهيم بذبح ابنه وشاء أن لا يذبحه ، ولو لم يشأ أن يذبحه لغلبت مشيئة إبراهيم مشيئة اللّه تعالى » (١) الخبر .
فإنّ الأظهر أنّ معناه أنّه تعالى لم يصرف آدم وحوّاء عن إرادتهما ولو قسراً ، ووكلهما إلى اختيارهما للمصالح العظيمة ، فكأنّه شاء ذلك .
ويحتمل أيضاً على بُعدٍ كون المراد ما هو بمعنى تهيئة الأسباب ، بل التقدير أيضاً ؛ لأنّه قد يراد بها أيضاً ما بمعنى التقدير والكتابة في الألواح الإلهيّة ومراتب ذلك بنحو ما سيظهر ، فكلّ شيء بإرادة اللّه ومشيئته ، أي : على وفق تقديره وما كتبه في اللوح .
ولا يخفى أنّه من كلّ هذه المعاني لا يلزم الجبر ، كما هو ظاهر فيما سوى الأخير ، وأمّا فيه ، فمعلوم أنّ تقديره ليس علّة للفعل ، بل الحقّ أنّه تعالى لمّا علم بعلمه الكامل الأزليّ أنّ العبد الفلاني ـ مثلاً ـ يفعل كذا وكذا باختياره وقدرته كتب ذلك في اللوح وبيّنه ، وأين (٢) هذا من الجبر ؟ ولهذا قال الصادق عليهالسلام : « كما أنّ بادئ النعم من اللّه عزوجل وقد نحلكموه ، كذلك الشرّ من أنفسكم وإن جرى به قدره » (٣) .
وأمّا في القضاء والقدر ، فنقول : إنّ القضاء مثل غيره أيضاً قد ورد صريحاً بمعاني عديدة ولو في بعضها يسمّى عزميّاً ويكون بالنسبة إلى الاُمور التكليفيّة .
__________________
(١) الكافي ١ : ١١٧ / ٤ (باب المشيئة والإرادة) ، بتفاوت عن أبي الحسن عليهالسلام .
(٢) في «م» : «فأين» .
(٣) التوحيد للصدوق : ٣٦٨ / ٦ .