ولا ندامة ، بل لمصالح عائدة إلى الخلق فكذلك هذا .
وقالوا أيضاً : من قال بأنّ اللّه تعالى لا يعلم الشيء إلاّ بعد كونه ، فقد كفر وخرج عن التوحيد (١) .
نعم ، قد وقع بعض اختلاف بين الإماميّة في بيان المراد به ، ونحن نكتفي هاهنا بذكر ما فهمه عمدة علماء الإماميّة من ظواهر الآيات والأخبار المرويّة عن الأئمّة عليهمالسلام ، بل تدلّ عليه النصوص الصريحة ، ولا تأبى عنه العقول الصحيحة .
فاعلم أوّلاً أنّ الأئمّة عليهمالسلام إنّما بالغوا في البداء ردّاً على أقوام ، منهم : اليهود الذين يقولون : إنّ اللّه قد فرغ من الأمر ، كما روي بأسانيد عديدة عن الصادق عليهالسلام أنّه قال في قوله تعالى : « ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ) (٢) لم يعنوا أنّه هكذا ، وقال بيده إلى عنقه ، ولكنّهم قالوا : قد فرغ اللّه من الأمر لا يحدث اللّه غير ما قدّره في التقدير الأوّل ، فلا يزيد ولا ينقص ، فقال اللّه جلّ جلاله تكذيباً لقولهم : ( غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ) (٣) أي : يقدّم ويؤخّر ، ويزيد وينقص ، وله البداء والمشيئة » ، ثمّ قال عليهالسلام : « ألم تسمع اللّه تعالى يقول : ( يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (٤) » (٥) .
ومنهم : النظام وبعض المعتزلة الذين يقولون : إنّ اللّه عزوجل خلق
__________________
(١) الغيبة للطوسي : ٤٣٠ / ٤٢٠ في ذيل الحديث ، بحار الأنوار ٤ : ١١٥ / ٤٠ .
(٢ و٣) سورة المائدة ٥ : ٦٤ .
(٤) سورة الرعد ١٣ : ٣٩ .
(٥) انظر : تفسير القمّي ١ : ١٧٠ ، التوحيد : ١٦٧ / ١ (باب معنى قوله عزوجل : ( وقالت اليهود يد اللّه مغلولة ) ، معاني الأخبار : ١٨ / ١٥ .