إمّا لأنّه يشبه بالبَداء بمعناه الظاهر ، كما في سائر ما يطلق عليه تعالى من الابتلاء والاستهزاء والمكر وأمثالها ، وإمّا لأنّه يظهر للملائكة أو للخلق خلاف ما علموا أوّلاً إذا كان لهم علم بالأوّل بسبب قراءة اللوح أو إخبار العالم به كالنبيّ أو الإمام مثلاً (١) .
وقد ورد في القرآن ما يرشد إلى هذا ، كقوله تعالى : ( وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ) (٢) وأمثاله ، ولعلّ قوله تعالى : ( وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (٣) إشارة إلى رفع توهّم تغيير علمه تعالى ، بأن يكون معناه عنده أصل الكتاب الذي لا يتغيّر ، فيكون المراد به اللوح المحفوظ .
كما قال الصادق عليهالسلام أيضاً : « إنّ للّه علمين : علم مكنون مخزون لا يعلمه إلاّ هو (ولم يطّلع عليه أحداً من خلقه) من ذلك يكون البداء ، وعلم علّمه ملائكته وأنبياءه ورسله ونحن نعلمه » (٤) ، فإنّ مفاد ظاهره كما ترشد إليه كلمة «من» في قوله « من ذلك » : إنّ البداء الذي قد يكون في العلم الثاني فإنّما هو على وفق العلم المخزون المكنون في اللوح المحفوظ ، حتّى أنّه ورد تفسير قوله تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا ) (٥) بذلك العلم المخزون ، وقوله : ( إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن
__________________
(١) انظر : بحار الأنوار ٤ : ١٣٠ ـ ١٣١ .
(٢) سورة الزمر ٣٩ : ٤٧ .
(٣) سورة الرعد ١٣ : ٣٩ .
(٤) بصائر الدرجات : ١٢٩ / ٢ (باب في الأئمّة عليهمالسلام أنّه . . . ) ، الكافي ١ : ١١٤ / ٨ (باب البَداء) . وما بين القوسين لم يرد فيهما ، بل ورد في ضمن روايات اُخر .
انظر : بصائر الدرجات : ١٣٠ / ٤ ، الكافي ١ : ١١٤ / ٦ .
(٥) سورة الجنّ ٧٢ : ٢٦ .