إنّ أصحاب الرأي أعداء السنن ، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها ، وتفلّتت منهم أن يعوها ، واستحيوا حين سئلوا أن يقولوا : لا نعلم (١) ، إلى آخر الخبر السابق ، ومنه يظهر أنّ أصله من النبيّ صلىاللهعليهوآله .
ورواه الجاحظ في كتاب الفتيا أيضاً عن عمر ، وفيه أيضاً قول عمر : إيّاكم والمكايلة ، قالوا : وما هي ؟ قال : المقايسة . وقول أبي بكر لمّا سئل عن تفسير «الأبّ» في قوله تعالى : ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) (٢) : أيّ سماء تظلّني وأيّ أرض تقلّني إذا قلت في كتاب اللّه برأيي (٣) .
وقول ابن مسعود : يذهب فقهاؤكم وصلحاؤكم ، ويتّخذ الناس رؤساء جهّالاً ، يقيسون (٤) الاُمور بآرائهم (٥) .
وفي كتاب العلم لابن عبد البرّ : عن عمر ، قال : السنّة سنّة اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، لا تجعلوا حظّ الرأي سنّة للاُمّة (٦) .
وفي كتب عديدة منها : كتاب الديلمي ، والدار قطني ، وابن جرير (٧) ،
__________________
الزهري المدني نزيل الشام ، أحد الفقهاء والمحدّثين والأعلام بالمدينة ، حافظ ، عامّي المذهب ، ولد سنة ٥٠ هـ ، ومات سنة ١٢٤ هـ .
سير أعلام النبلاء ٥ : ٣٢٦ / ١٦٠ ، وفيات الأعيان ٤ : ١٧٧ / ٥٦٣ ، حلية الأولياء ٣ : ٣٦٠ / ٢٥٤.
(١) حكاه عن اُصول السنّة المتّقي الهندي في كنز العمّال ١ : ٣٧٣ / ١٦٢٩ ، و ١٠ : ٢٦٨ / ٢٩٤٠٦ .
(٢) سورة عبس ٨٠ : ٣١ .
(٣) حكاه عنه عليّ بن يونس في الصراط المستقيم ٣ : ٢٠٨ .
(٤) من هنا إلى ص ٦٣ هامش ٣ ساقط في «م» .
(٥) جامع بيان العلم ٢ : ١٠٤٤ / ٢٠١٠ ، الصراط المستقيم ٣ : ٢٠٨ وفيهما بتفاوت يسير .
(٦) جامع بيان العلم ٢ : ١٠٤٧ / ٢٠١٤ ، وفيه «خطأ» بدل من «حظّ» .
(٧) هو محمّد بن جرير بن خالد الطبري ، يكنّى أبا جعفر ، عامّي المذهب ، وقال