ما أمرهم به النبيّ صلىاللهعليهوآله يوم أبي جندل ، فظهر أخيراً خطؤه ، مثل ما مرّ عن عمر .
وفي كتاب شعب الإيمان للبيهقي ، والمختارة للضياء المقدسي ، والجامع للخوارزمي : عن إبراهيم التيمي (١) ، قال : خلا عمر ذات يوم فأرسل إلى ابن عبّاس ، فقال له : كيف تختلف هذه الاُمّة وكتابها واحد ونبيّها واحد ، وقبلتها واحدة ؟ قال ابن عبّاس : إنّا اُنزل علينا القرآن فقرأناه وعلمنا فيمَ نزل ، وإنّه يكون بعدنا أقوام يقرأون القرآن لا يعرفون فيمَ نزل ، فيكون لكلّ قوم فيه رأي ، وإذا كان كذلك اختلفوا (٢) ، الخبر .
أقول : وجوه الاختلاف عديدة ، وإنّما هذا أحد وجوه الاختلاف حيث فسّر جماعة القرآن بآرائهم ، وأوّلوا المتشابهات بأهوائهم ـ كما سيأتي ـ حتّى أنّ جماعة منهم : ابن عبد البرّ ، وابن النجّار ، والدارمي (٣) ، والمقدسي رووا عن عمر أنّه قال : سيأتي ناس يجادلونكم بشبهات القرآن ،
__________________
(١) إبراهيم بن محمّد بن طلحة بن عبيداللّه التيمي القرشي المدني ، يكنّى أبا سليمان ، وكان أعرج ومن المرجئة ، استعمله عبداللّه بن الزبير على خراج الكوفة ، يروي عن سعيد بن زيد ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وعنه سعد بن إبراهيم ، وعبداللّه بن محمّد بن عقيل ، ومحمّد بن عبد الرحمن ، مات سنة ١١٠ هـ ، وقيل : سنة ٩٩ هـ .
انظر : الطبقات لابن سعد ٥ : ٥٢ ، المعارف لابن قتيبة : ٦٢٥ ، الجرح والتعديل ٢ : ١٢٤ / ٣٨٥ ، الثقات ٤ : ٥ ، المنتظم ٧ : ٤٦ / ٥٤٣ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٥٦٢ / ٢٢٢ .
(٢) حكاه عنهم المتّقي الهندي في كنز العمّال : ٢ : ٣٣٣ / ٤١٦٧ .
(٣) وهو عبداللّه بن عبد الرحمن بن المفضّل بن بهرام ، من بني دارم التميمي الدارمي السمرقندي ، يكنّى أبا محمّد ، الحافظ صاحب المسند ، والتفسير وكتاب الجامع ، عامّي المذهب ، وقد أثنى عليه أحمد بن حنبل .
روى عنه : محمّد بن يحيى الذهلي ، وأبو زرعة الرازي ، وأبو حاتم ، ولد سنة ١٨١ هـ ، وقد اختلف في وفاته على أقوال منها : أنّه مات سنة ٢٥٥ هـ ، وقد ذكره ابن الجوزي في منتظمه ١٠ : ١٤٤ / ١١٣٤ سهواً فيمن توفّي سنة ٢٠٥ هـ .
انظر : المنتظم ١٢ : ٩٢ / ١٥٧٠ ، تذكرة الحفّاظ ٢ : ٩٠ / ٥٥٢ ، تهذيب التهذيب ٥ : ٢٥٨ / ٥٠٢ ، الأعلام ٤ : ٩٥ .