فخذوهم بالسنن ، فإنّ أصحاب السنن أعلم بكتاب اللّه (١) .
وكذا أمر عليّ عليهالسلام ابن عبّاس لمّا أرسله إلى مكالمة الخوارج أن يحتجّ عليهم بالسنّة ، حتّى ينحلّ بها ما تمسّكوا به من متشابهات الآيات (٢) .
والمراد بالسنّة ما ثبت صدوره قولاً أو فعلاً عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ كما سيظهر أيضاً ـ لا كلّ ما روي عنه وإن كان غير ثابت ، فافهم .
ولا تغفل عمّا يرد على عمر من أ نّه مع روايته هذه الأخبار وجِدّه في إنكار الاعتماد على الرأي عمل في مواضع (٣) عديدة بالرأي ، كما سيأتي ، حتّى أنّه اعترف في بعضها بكونه رأياً محتملاً للخطأ ، بل صرّح في بعضها بأنّه بدعة ، مع أنّه ممّن روى صريحاً كون البدعة والمحدثات ضلالة ، بل مشيراً أيضاً إلى أنّ الرأي منها ، كما أنّه كذلك واقعاً ؛ ضرورة عدم كونه معمولاً به في زمن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولا من فعله ، كما ينادي به ما مرّ ويأتي .
ولنذكر هاهنا شيئاً ممّا يوضّح ما قلناه ، مع نبذ ممّا ورد في ذمّ البدعة والاُمور المحدثة ؛ حيث إنّ الرأي منها :
روى جماعة ، منهم : مسلم في صحيحه ، وكذا النسائي وابن ماجة في صحيحيهما ، وابن حنبل في مسنده : عن أبي موسى الأشعري ، أنّه كان يفتي بالمتعة ، فقال له رجل : رويدك ! قد نقض (٤) فتياك ، فإنّك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بَعْدُ .
قال أبو موسى : فلقيت عمر بَعْدُ فسألته ، فقال : قد علمت أنّ
__________________
(١) سنن الدارمي ١ : ٤٩ ، جامع بيان العلم ٢ : ١٠١٠ / ١٩٢٧، كنز العمّال ١ : ٣٧٤ / ١٦٣٤ .
(٢) انظر : نهج البلاغة : ٤٦٥ ، الكتاب ٧٧ .
(٣) في «ش» : موارد .
(٤) في مسند أحمد وسنن ابن ماجة : «بعض» وفي صحيح مسلم وسنن النسائي : «ببعض» بدل «قد نقض».