الرجل يستفتيني فأفتيه برأيي ، قال : لا واللّه ، حتّى تعلم ، لو جاز ذلك لجاز للسقّائين (١) .
أقول : هذا صريح أيضاً في أنّ المستفاد من الرأي ليس بعلم حتّى عندهم أيضاً ، كما ظهر ممّا مرّ من الآيات والأخبار آنفاً ، ويؤيّده ما ذكره محمّد بن شعيب (٢) عن الأوزاعي ، أنّه كان يقول : من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام ، وإنّ العلم ما جاء عن أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآله ، وما لم يجئ من الصحابة فليس بعلم . ويقول : الذي كان عليه الصحابة لزوم الجماعة واتّباع السنّة (٣) .
أقول : ولم يكن كلّ الصحابة أيضاً على اتّباع السنّة كما ظهر وسيظهر ، فليس العلم إلاّ ما ظهر أنّه من الكتاب أو السنّة .
وفي التاريخ المذكور أيضاً : عن مالك أنّه قال : قال لي ابن هرمز : يا مالك ، لا تمسك بشيء من هذا الرأي الذي أخذت منّي ، فإنّي واللّه ، وربيعة الرأي فجرنا ذلك (٤) .
__________________
كثيراً وأخذ عنه ، كان أحد فقهاء المدينة ، مات سنة ١٤٨ هـ .
انظر : التاريخ الكبير ٥ : ٢٢٤ / ٧٣٣ ، التاريخ الصغير ٢ : ٨٤ ، الجرح والتعديل ٥ : ١٩٩ / ٩٢٤ ، سير أعلام النبلاء ٦ : ٣٧٩ / ١٥٩ .
(١) تاريخ الإسلام (حوادث ١٢١ ـ ١٤٠) : ١٥٩ ـ ١٦٠ ، كتاب المعرفة والتاريخ ١ : ٦٥٥ .
(٢) هو محمّد بن شعيب بن شابور الدمشقي ، يكنّى أبا عبداللّه ، مولى بني اُميّة ، سكن بيروت ، روى عن النعمان بن المنذر ، والأوزاعي ، ويحيى بن الحارث الذّماري ، وروى عنه ابن المبارك ، وأبو عتبة الحجازي ، وكثير بن عبيد ، وكان من أعلم الناس بالأوزاعي وبحديثه وفتياه ، وكان يفتي في مجلس الأوزاعي ، ولد سنة ١١٦ هـ ، ومات سنة ١٩٨ هـ .
انظر : طبقات خليفة : ٥٧٩ / ٣٠٤٠ ، الجرح والتعديل ٧ : ٢٨٦ / ١٥٤٨ ، سير أعلام النبلاء ٩ : ٣٧٦ / ١٢٢ ، ميزان الاعتدال ٣ : ٥٨٠ / ٧٦٧٢ .
(٣) تاريخ الإسلام (حوادث ١٤١ ـ ١٦٠) : ٤٩٠ ـ ٤٩٢ .
(٤) تاريخ الإسلام (حوادث ١٢١ ـ ١٤٠) : ١٥٩ ، كتاب المعرفة والتاريخ ١: ٦٥٥ .