وفيه : عن مالك أنّه كان يقول : إنّما أنا بشر أُخطئ وأُصيب ، فانظروا في رأيي ، فكلّ ما وافق الكتاب والسنّة فخذوه وإلاّ فاتركوه . وسأله رجل عن البتّة (١) ، فقال : هي ثلاث ، فأراد الرجل أن يكتب ذلك في لوحه ، فقال : لا تكتب فعسى في العشيّ أن أقول : إنّها واحدة (٢) .
وفيه : عن الوليد بن مزيد (٣) أنّه قال : سمعت الأوزاعي يقول : عليك بآثار من سلف ولو رفضك الناس ، وإيّاك وآراء الرجال وإن زخرفوها لك بالقول ، فإنّ الأمر ينجلي وأنت على طريق مستقيم (٤) .
وكان يقول : إنّا لا ننقم على أبي حنيفة (٥) أنّه رأى ، بل كلّنا نرى ،
__________________
(١) البتّ : القطع ، وطلاق البتّة : طلاق البائن ، وطلّقها ثلاثاً بتّة ، أي : لا رجعة بعدها .
انظر : الصحاح ١ : ٢٤٢ ، والقاموس المحيط ١ : ١٩١ ، ومجمع البحرين ٢ : ١٩ ـ بتت ـ .
(٢) تاريخ الإسلام (حوادث ١٧١ ـ ١٨٠) : ٣٢٧ .
(٣) في النسخ : الوليد بن يزيد ، والظاهر ما أثبتناه ، وهو الوليد بن مزيد العذري ، يكنّى أبا العبّاس البيروتي ، روى عن الأوزاعي ، وعبدالرحمن بن جابر ، وعبداللّه بن شوذب وغيرهم ، وروى عنه ابنه العبّاس ، وأبو مسهر وغيرهما ، واختلف في وفاته على أقوال منها : أنّه مات سنة ١٨٣ هـ ، وقيل : ٢٠٣ هـ .
انظر : التاريخ الكبير ٨ : ١٥٥ / ٢٥٤١ ، الجرح والتعديل ٩ : ١٨ / ٧٧ ، سير أعلام النبلاء ٤١٩ / ١٤٧ ، تقريب التهذيب ٢ : ٣٣٥ / ٨٧ ، تهذيب التهذيب ١١ : ١٣٢ / ٢٥٢ .
(٤) أورده تاريخ الإسلام (حوادث ١٤١ ـ ١٦٠) : ٤٩٠ ، وابن عبدالبرّ في جامع بيان العلم ٢ : ١٠٧١ / ٢٠٧٧ اختصاراً .
(٥) هو النعمان بن ثابت بن زوطي ، يكنّى أبا حنيفة ، إمام الحنفيّة ، أصله من أبناء فارس ، ولد ونشأ بالكوفة ، وزوطي كان مملوكاً لبني تيم ، وروى عن أبي حنيفة جمع كثير ، ولد سنة ٨٠ هـ ومات سنة ١٥٠ هـ .
انظر : الطبقات لابن سعد ٦ : ٣٦٨ ، المعارف لابن قتيبة : ٤٩٥ ، تاريخ بغداد ١٣ : ٣٢٣ / ٧٢٩٧ ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ : ٢١٦ / ٣٣١ ، وفيات الأعيان ٥ : ٤٠٥ / ٧٦٥ ، سير أعلام النبلاء ٦ : ٣٩٠ / ١٦٣ ، تقريب التهذيب ٢ : ٣٠٣ / ١٠٨ .