ولكنّا ننقم عليه أنّه رأى الشيء عن النبيّ صلىاللهعليهوآله فخالفه (١) .
وكان يقول : إنّا نتحدّث أن ما ابتدع أحد بدعة إلاّ سُلب وَرعه (٢) .
أقول : انظر إلى هذا الرجل الذي يذمّ الرأي مطلقاً ، ثمّ يعترف بأنّه قد يعمل به .
وأمّا ما نسبه إلى أبي حنيفة ، فقد ذكر الزمخشري أنّه خالف الرسول صلىاللهعليهوآله في فتاويه أزيد من أربعمائة موضع (٣) .
وقد نقل ابن عبد البرّ أنّ أبا حنيفة لم يكن يعتمد على الحديث إذا لم يكن موافقاً للقرآن أو إجماع الاُمّة ، وكان يسمّيه الخبر الشاذّ ، وأنّه لأجل هذا أيضاً وقع في الرأي والقياس (٤) .
ومع هذا نقل الذهبي (٥) عن ابن حزم أنّه قال : جميع الحنفيّة مجمعون على أنّ مذهب أبي حنيفة أنّ ضعيف الحديث أولى عنده من القياس والرأي (٦) ، حتى نقل الذهبي أنّ وكيعاً (٧) قال : سمعت أبا حنيفة
__________________
(١ و٢) تاريخ الإسلام (حوادث ١٤١ ـ ١٦٠) : ٤٩٢ .
(٣) ربيع الأبرار ٣ : ١٩٧ بتفاوت في الألفاظ .
(٤) لم نعثر عليه .
(٥) هو محمّد بن أحمد بن عثمان بن قايماز التركماني ، يكنّى أبا عبداللّه ، الحافظ المؤرّخ الشافعي مع ميله الشديد إلى آراء الحنابلة ، له كتب تقارب المائة ، منها : سير أعلام النبلاء ، وميزان الاعتدال ، ودول الإسلام ، ولد في دمشق سنة ٦٧٣ هـ ، ومات فيها سنة ٧٤٨ هـ .
انظر : الوافي بالوفيات ٢ : ١٦٣ ٥٢٣ ، طبقات الشافعيّة للسبكي ٩ : ١٠٠ / ١٣٠٦ ، شذرات الذهب ٦ : ١٥٣ .
(٦) تاريخ الإسلام (حوادث ١٤١ ـ ١٦٠) : ٣١٠ .
(٧) هو وكيع بن الجرّاح بن فليح بن عدي الرواسي الكوفي ، يكنّى أبا سفيان ، وأصله من نيسابور ، سمع سليمان الأعمش ، وابن جريح ، والأوزاعي ، وسفيان الثوري