ونقل السخاوي في كتاب المقاصد الحسنة أنّ الشافعي قال : لقد ألّفت هذه الكتب ولم آل فيها (١) ولا بدّ أن يوجد فيها الخطأ ؛ لأنّ اللّه يقول : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) (٢) ، فما وجدتم في كتبي هذه ممّا يخالف الكتاب والسنّة فقد رجعت عنه (٣) .
أقول : إنّ أكثر هؤلاء لم يخافوا إلاّ عمّا يخالف الكتاب والسنّة ، وغفلوا عن الذي ينادي به الكتاب والسنّة ، كما ظهر من عدم جواز الاعتماد على الرأي مطلقاً ، وإن كان في شيء لم نجد مخالفته ولا موافقته لما في الكتاب والسنّة ، فافهم .
وقد نقل الذهبي : أنّ المهديّ العبّاسي كتب إلى الأمصار يزجر أن يتكلّم أحد من أهل الأهواء في شيء منها (٤) .
ونقل أيضاً عن ابن سفيان (٥) أنّه قال : سألت هُشيماً (٦) عن التفسير ،
__________________
(١) في النسخ : ولم أر فيها ، وما أثبتناه من المصدر .
(٢) سورة النساء ٤ : ٨٢ .
(٣) المقاصد الحسنة : ٣٤ / ١٥ .
(٤) تاريخ الإسلام (حوادث ١٦١ ـ ١٧٠) : ٤٣٩ بتفاوت ، وفيه الاُمراء بدل الأهواء .
(٥) هو سعيد بن يحيى بن مهدي الحميري الحذّاء الواسطي ، يكنّى أبا سفيان ، عامّي المذهب ، عنده أحاديث قليلة رواها عن معمّر ، وعوف الأعرابي ، والضحّاك بن حمزة ، وهُشيم وجماعة ، كما روى عنه : إسحاق بن راهويه ، وابنا شيبة ، وأحمد بن سنان وغيرهم ، ولد سنة ١١٢ هـ ، ومات سنة ٢٠٢ هـ .
انظر : الطبقات لابن سعد ٧ : ٣١٤ ، طبقات خليفة : ٦١٠ / ٣١٩٥ ، الجرح والتعديل ٤ : ٧٤ / ٣١٣ ، ميزان الاعتدال ٢ : ١٦٣ / ٢٢٩٥ ، سير أعلام النبلاء ٩ : ٤٣٢ / ١٥٩ ، تهذيب التهذيب ٤ : ٨٧ / ١٦٦ .
(٦) هُشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي الواسطي عامّي المذهب ، حدّث : عن منصور بن زاذان ، وسليمان التيمي ، وأيّوب السختياني وغيرهم ، وروى عنه : ابن حنبل ، ووكيع ، ويحيى بن معين وسواهم ، له كتب منها : السنن في الفقه ، كتاب